قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنِيَّ، قَالَ: جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ منى الرجل أنثى بِإِذْنِ اللَّهِ" الْحَدِيثَ «١». وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ" الشُّورَى" «٢» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَيْفَ يَشاءُ) يَعْنِي مِنْ حُسْنٍ وَقُبْحٍ وَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَطُولٍ وَقِصَرٍ وَسَلَامَةٍ وَعَاهَةٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ. وَذُكِرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ أَنَّ الْقُرَّاءَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ لِيَسْمَعُوا مَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي مَشْغُولٌ عَنْكُمْ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، فَلَا أَتَفَرَّغُ لِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ الشُّغْلُ؟ قَالَ: أَحَدُهَا إِنِّي أَتَفَكَّرُ فِي يَوْمِ الْمِيثَاقِ حَيْثُ قَالَ:" هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَلَا أُبَالِي". فَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْتُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالثَّانِي حَيْثُ صُوِّرْتُ فِي الرَّحِمِ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي هُوَ مُوَكَّلٌ عَلَى الْأَرْحَامِ:" يَا رَبِّ شَقِيٌّ هُوَ أَمْ سَعِيدٌ" فَلَا أَدْرِي كَيْفَ كَانَ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَالثَّالِثُ حِينَ يَقْبِضُ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحِي فَيَقُولُ:" يَا رَبِّ مَعَ الْكُفْرِ أَمْ مَعَ الْإِيمَانِ) فَلَا أَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ الْجَوَابُ. وَالرَّابِعُ حَيْثُ يَقُولُ:" وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ" «٣» فَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَكُونُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أَيْ لَا خَالِقَ وَلَا مُصَوِّرَ [سِوَاهُ] «٤»، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ عِيسَى إِلَهًا مُصَوِّرًا وَهُوَ مُصَوَّرٌ. (الْعَزِيزُ) الَّذِي لَا يُغَالَبُ. (الْحَكِيمُ) ذُو الْحِكْمَةِ أَوِ الْمُحْكِمُ، وَهَذَا أخص بما ذكر من التصوير.
[سورة آل عمران (٣): آية ٧]
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧)
(٢). راجع ج ١٦ ص ٤٨ فما بعد.
(٣). راجع ج ١٥٠ ص ٤٦.
(٤). زيادة لأبد منها.