وَرُبَاعَ أَرْبَعَةً، فَتَحَكُّمٌ بِمَا لَا يُوَافِقُهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ عَلَيْهِ، وَجَهَالَةٌ مِنْهُمْ. وَكَذَلِكَ جَهْلُ الْآخَرِينَ «١»، بِأَنَّ مَثْنَى تَقْتَضِي اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَثُلَاثَ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً، وَرُبَاعَ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَأَرْبَعًا أَرْبَعًا، حَصْرٌ لِلْعَدَدِ. وَمَثْنَى وَثُلَاثُ وَرُبَاعُ بِخِلَافِهَا. فَفِي الْعَدَدِ الْمَعْدُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ زِيَادَةُ مَعْنَى لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا قَالَتْ: جَاءَتِ الْخَيْلُ مَثْنَى، إِنَّمَا تَعْنِي بِذَلِكَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَيْ جَاءَتْ مُزْدَوِجَةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ مَعْدُولُ الْعَدَدِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا قُلْتَ جَاءَنِي قَوْمٌ مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ أُحَادَ أَوْ عُشَارَ، فَإِنَّمَا تُرِيدُ أَنَّهُمْ جَاءُوكَ وَاحِدًا وَاحِدًا، أَوِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً، أَوْ عَشَرَةً عَشَرَةً، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ جَاءَنِي قَوْمٌ ثَلَاثَةٌ ثَلَاثَةٌ، أَوْ قَوْمٌ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، فَقَدْ حَصَرْتَ عِدَّةَ الْقَوْمِ بِقَوْلِكَ ثَلَاثَةً وَعَشَرَةً. فَإِذَا قُلْتَ جَاءُونِي رُبَاعَ وَثُنَاءَ فَلَمْ تَحْصُرْ عِدَّتَهُمْ. وَإِنَّمَا تُرِيدُ أَنَّهُمْ جَاءُوكَ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً أَوِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. وَسَوَاءٌ كَثُرَ عَدَدُهُمْ أَوْ قَلَّ فِي هَذَا الْبَابِ، فَقَصْرُهُمْ كُلَّ صِيغَةٍ عَلَى أَقَلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بِزَعْمِهِ تَحَكُّمٌ. وَأَمَّا اخْتِلَافُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الَّذِي يَتَزَوَّجُ خَامِسَةً وَعِنْدَهُ أَرْبَعٌ وَهِيَ: التَّاسِعَةُ- فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ كَانَ عَالِمًا. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُرْجَمُ إِذَا كَانَ عَالِمًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَدْنَى الْحَدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْجَلْدُ، وَلَهَا مَهْرُهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حد عليه في شي مِنْ ذَلِكَ. هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يُحَدُّ فِي ذَاتِ الْمَحْرَمِ وَلَا يُحَدُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّكَاحِ. وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً أَوْ خَمْسَةً «٢» فِي عُقْدَةٍ أَوْ تَزَوَّجَ [مُتْعَةً «٣»] أَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ، أَوْ أَمَةً تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهَا. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ يَجِبُ أَنْ يُحَدَّ فِيهِ كُلِّهِ إِلَّا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِ شُهُودٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ النَّخَعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَنْكِحُ الْخَامِسَةَ مُتَعَمِّدًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الرَّابِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ: جَلْدُ مِائَةٍ وَلَا يُنْفَى. فَهَذِهِ فُتْيَا عُلَمَائِنَا «٤» فِي الْخَامِسَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فكيف بما فوقها.
(٢). في ج: أو ستة أو خمسة.
(٣). كذا في ط وج وب وز وهـ وى. وفى ا: معتدة. ولعله أحق.
(٤). في ط وب وج وى: علماء المسلمين.