وَفِي الْخَمْسَةِ أَقْسَاطٍ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ سُفْيَانُ: (الْفَرَقُ) ثَلَاثَةُ آصُعٍ. وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: يَغْتَسِلُ بِخَمْسَةِ مَكَاكِيكَ وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ «١». وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْلِيلِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، يَأْخُذُ مِنْهُ الْإِنْسَانُ بِقَدْرِ مَا يَكْفِي وَلَا يُكْثِرُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهُ سَرَفٌ وَالسَّرَفُ مَذْمُومٌ. وَمَذْهَبُ الْإِبَاضِيَّةِ الْإِكْثَارُ مِنَ الْمَاءِ «٢»، وَذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ. الْمُوَفِّيَةُ عِشْرِينَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) هَذِهِ آيَةُ التَّيَمُّمِ، نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَهُوَ جَرِيحٌ، فَرُخِّصَ لَهُ فِي أَنْ يَتَيَمَّمَ، ثُمَّ صَارَتِ الْآيَةُ عَامَّةً فِي جَمِيعِ النَّاسِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ بِسَبَبِ عَدَمِ الصَّحَابَةِ الْمَاءَ فِي غَزْوَةِ (الْمُرَيْسِيعِ «٣») حِينَ انْقَطَعَ الْعِقْدُ لِعَائِشَةَ. أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مَالِكٌ من رواية عبد الرحمن ابن الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهَا رِجَالًا، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَصَلُّوا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ. قُلْتُ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ لِلْمَوْضِعِ، وَفِيهَا أَنَّ الْقِلَادَةَ كَانَتْ لِأَسْمَاءَ، خِلَافَ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً لَهَا وَهِيَ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْسَلَّتْ مِنْهَا وَكَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ يُقَالُ لَهُ الصُّلْصُلُ «٤»، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ
(٢). الإسراف عندهم من مكروهات الوضوء كما هو مدون.
(٣). المريسيع (مصغر مرسوع): بئر أو ماء لخزاعة على يوم من الفرع، واليه تضاف غزوة بنى المصطلق.
(٤). الصلصل (بضم أو له ويفتح): موضع على بعد سبعة أميال من المدينة. (عن معجم البلدان).