ابن [أَبِي] زُهَيْرٍ «١» الثَّقَفِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ الصَّلَاحُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَعَ هَذَا؟ كل شي عَمِلْنَاهُ جُزِينَا بِهِ، فَقَالَ: (غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْتَ تَنْصَبُ، أَلَسْتَ تَحْزَنُ، أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ «٢»)؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ (فَذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ) فَفَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَجْمَلَهُ التَّنْزِيلُ مِنْ قَوْلِهِ: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ (. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:) أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ فَتُجْزَوْنَ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَلَيْسَ لَكُمْ ذُنُوبٌ وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَيُجْمَعُ ذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى يُجْزَوْا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (. قَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ: وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَحْمَدُ بْنُ حنبل. ومولى بن سِبَاعٍ مَجْهُولٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ «٣» عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ. قُلْتُ: خَرَّجَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن حرب قال حدثنا حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ «٤») وَعَنْ هَذِهِ الْآيَةِ (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ، هَذِهِ مُبَايَعَةُ اللَّهِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْحُمَّى وَالنَّكْبَةِ وَالشَّوْكَةِ حَتَّى الْبِضَاعَةِ يَضَعُهَا فِي كُمِّهِ فَيَفْقِدُهَا فَيَفْزَعُ فَيَجِدُهَا فِي عَيْبَتِهِ، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ التِّبْرُ مِنَ الْكِيرِ (. وَاسْمُ (لَيْسَ) مُضْمَرٌ فِيهَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَيْسَ الْكَائِنُ مِنْ أُمُورِكُمْ مَا تَتَمَنَّوْنَهُ، بَلْ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَيْسَ ثَوَابُ اللَّهِ بِأَمَانِيِّكُمْ، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ). قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «٥») وقيل:
(٢). للاواء: الشدة والمحنة.
(٣). عبارة الترمذي: وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه.
(٤). راجع ج ٣ ص ٤٢٠.
(٥). راجع ج ١٥ ص ٣٢٢.