بِهِمَا: إِذْنُهُ لِطَائِفَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْضِيَ شَيْئًا إِلَّا بِوَحْيٍ وَأَخْذُهُ مِنَ الْأُسَارَى الْفِدْيَةَ فَعَاتَبَهُ اللَّهُ كَمَا تَسْمَعُونَ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا بدر منه ترك الاولى فقدم الله له الْعَفْوَ عَلَى الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ فِي صُورَةِ الْعِتَابِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) أَيْ لِيَتَبَيَّنَ لَكَ مَنْ صَدَقَ مِمَّنْ نَافَقَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ وَإِنَّمَا عَرَفَهُمْ بَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ] التَّوْبَةِ [. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَالُوا: نَسْتَأْذِنُ فِي الْجُلُوسِ فَإِنْ أَذِنَ لَنَا جَلَسْنَا وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَنَا جَلَسْنَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: نَسَخَ هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ" النُّورِ":" فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ" «١» [النور: ٦٢]. ذكره النحاس في معاني القرآن له.
[سورة التوبة (٩): الآيات ٤٤ الى ٤٥]
لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أَيْ فِي الْقُعُودِ وَلَا فِي الْخُرُوجِ، بَلْ إِذَا أَمَرْتَ بِشَيْءٍ ابْتَدَرُوهُ، فَكَانَ الِاسْتِئْذَانُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ لِغَيْرِ عُذْر، وَلِذَلِك قَالَ: (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ). رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) نَسَخَتْهَا الَّتِي فِي (النُّورِ) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ- إِلَى قَوْلِهِ- غَفُورٌ رَحِيمٌ) «٢» " أَنْ يُجاهِدُوا" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بإضمار في، عن الزجاج. وقيل: التقدير
(٢). راجع ج ١٢ ص ٣٢٠ فما بعد.