وظِلالُهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى" مَنْ" وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ارْتَفَعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، التَّقْدِيرُ: وَظِلَالُهُمْ سُجَّدٌ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَ" بِالْغُدُوِّ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ غَدَاةٍ، يُقَوِّي كَوْنَهُ جَمْعًا مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ الَّذِي هو الآصال به.
[سورة الرعد (١٣): آية ١٦]
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْرِكِينَ:" قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ [لَهُمْ] «١»: هُوَ اللَّهُ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ إِنْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ، وَجَهِلُوا مَنْ هُوَ. (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ [وَإِلَّا] لَمْ يَكُنْ لِلِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ:" قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ" مَعْنًى، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ:" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ" «٢» [الزمر: ٣٨] أَيْ فَإِذَا اعْتَرَفْتُمْ فَلِمَ تَعْبُدُونَ غَيْرَهُ؟! وَذَلِكَ الْغَيْرُ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، وَهُوَ إِلْزَامٌ صحيح. ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا فَقَالَ: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُبْصِرُ الْحَقَّ، وَالْمُشْرِكُ الَّذِي لَا يُبْصِرُ الْحَقَّ. وَقِيلَ: الْأَعْمَى مَثَلٌ لِمَا عَبَدُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَالْبَصِيرُ مَثَلُ اللَّهِ تَعَالَى: (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) أَيِ الشِّرْكُ وَالْإِيمَانُ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ والكسائي" يسوي" بِالْيَاءِ لِتَقَدُّمِ الْفِعْلِ، وَلِأَنَّ تَأْنِيثَ" الظُّلُماتُ" لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ. الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْمُؤَنَّثِ وَالْفِعْلِ حَائِلٌ. وَ" الظُّلُماتُ وَالنُّورُ" مَثَلُ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَنَحْنُ لَا نَقِفُ عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ. (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) هَذَا مِنْ تَمَامِ الِاحْتِجَاجِ، أَيْ خَلَقَ غَيْرُ الله مثل

(١). من اووو ح.
(٢). راجع ج ١٥ ص ٣٥٨.


الصفحة التالية
Icon