وَغَيْرِهِمَا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهَا شَجَرَةٌ لَمْ تُخْلَقْ عَلَى الْأَرْضِ. وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةُ الثُّومِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَقِيلَ: الْكَمْأَةُ أَوِ الطُّحْلُبَةُ. وَقِيلَ: الْكَشُوثُ، وَهِيَ شَجَرَةٌ لَا وَرَقَ لَهَا وَلَا عُرُوقَ فِي الْأَرْضِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَهُمْ كَشُوثٌ فَلَا أَصْلٌ وَلَا وَرَقٌ «١»
(اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) اقْتُلِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَقِيطٍ «٢»:

هُوَ الجلاء الذي تجتث أَصْلَكُمْ فَمَنْ رَأَى مِثْلَ ذَا يَوْمًا وَمَنْ سَمِعَا
وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: أُخِذَتْ جُثَّتُهَا وَهِيَ نَفْسُهَا، وَالْجُثَّةُ شَخْصُ الْإِنْسَانِ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا. وَجَثَّهُ قَلَعَهُ، وَاجْتَثَّهُ اقْتَلَعَهُ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ، أَيْ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ رَاسِخٌ يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنَ الْأَرْضِ. (مَا لَها مِنْ قَرارٍ) أَيْ مِنْ أَصْلٍ فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ: مِنْ ثَبَاتٍ، فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ لَا حُجَّةَ لَهُ وَلَا ثَبَاتَ وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَمَا يَصْعَدُ لَهُ قَوْلٌ طَيِّبٌ ولأعمل صَالِحٌ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً" قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ" قَالَ: الْمُؤْمِنُ،" أَصْلُها ثابِتٌ" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثَابِتَةٌ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ،" وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ" قَالَ: الشِّرْكُ،" كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ" قَالَ: الْمُشْرِكُ،" اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَها مِنْ قَرارٍ" أَيْ لَيْسَ لِلْمُشْرِكِ أَصْلٌ يَعْمَلُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ الْمَثَلُ إِلَى الدُّعَاءِ إِلَى الْإِيمَانِ، وَالدُّعَاءُ إِلَى الشِّرْكِ، لِأَنَّ الْكَلِمَةَ يُفْهَمُ مِنْهَا الْقَوْلُ وَالدُّعَاءُ إِلَى الشيء.
[سورة إبراهيم (١٤): آية ٢٧]
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ (٢٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ:" يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ"
(١). تمامه: ولا نسيم ولا ظل ولا تمر يريد أنهم لا حسب لهم ولا نسب. رواية اللسان والتاج: هو الكشوث.
(٢). هو لقيط بن معمر الأيادي، والبيت من قصيدة بعث بها إلى قومه يحذرهم كسرى وجيشه، فلم يلتفتوا إلى قوله، فظفر بهم كسرى وهزمهم.


الصفحة التالية
Icon