جهنم أربعين سنة ثم أجابهم فقال: ﴿إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧]، ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ﴾ ﴿رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾: قال: فسكت عنهم مقدار الدنيا، ثم أجابهم بعد ذلك ﴿اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ﴾.
وروى أن لأهل جهنم أربع دعوات، أولها ما حكى الله جل ذكره في غافر من قولهم: ﴿قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين فاعترفنا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾ [غافر: ١١]، والثانية، ما حكى الله عنهم في غافر أيضاً قوله: ﴿وَقَالَ الذين فِي النار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادعوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ العذاب﴾ [غافر: ٤٩] فأجابتهم الخزنة: ﴿أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بالبينات﴾، قالوا: " بلى "، قالت لهم الخزنة: ﴿فادعوا وَمَا دُعَاءُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ﴾ [غافر: ٥٠].
والثالثة ما حكى الله تعالى عنهم في الزخرف من قوله: ﴿وَنَادَوْاْ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ فأجابهم مالك فقال: ﴿إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ﴾، والرابعة في قد أفلح: قوله:
﴿رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ فيجيبهم الرب اخسئوا فيها ولا تكلمون، فتصير لهم همهمة كنباح الكلاب.
ومعنى: " اخسئوا " ابعدوا من رحمتي وعطفي، يقال: خسأت الكلب، أبعدته، وقال تعالى ذكر، ينقلب إليك البصر خاسئاً " أي مبعداً.
وقال/ محمد بن كعب: بلغني أن أهل النار استغاثوا بالخزنة: ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب، فردوا عليهم ما قال الله جل ذكره، فلما يئسوا نادوا: يا