فيقول المفسر -رحمه الله تعالى- في قوله -جل وعلا-: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ﴾ [(٢١) سورة الطور]، يقول: " ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ مبتدأ"، والواو حينئذ تكون استئنافاً يعني - ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ مبتدأ"، " ﴿وَاتَّبَعَتْهُمْ﴾ معطوف على آمنوا" فعل على الفعل، " ﴿ذُرِّيَّتُهُم﴾ الصغار والكبار، الصغار والكبار"، هذا الأصل في الذرية أنهم النسل صغاراً كانواً أو كباراً، " ﴿بِإِيمَانٍ﴾ من الكبار"، ومن الآباء في الصغار، الذين آمنوا معروف بتوابعه ولوازمه بأركانه الستة التي لا يصح إلا بها، بالعمل المشترط فيه آمنوا، " ﴿اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ﴾ من الكبار والذرية" يشمل الصغار والكبار، فالكبار مطالبون بالإيمان، يقول: ومن الآباء يعني -الإيمان من الآباء بالنسبة للصغار-؛ لأنه قد يقول قائل: ﴿اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ﴾ كيف نعرف إيمان الصغير من أبوين مسلمين؟ محكوم بإسلامه فهو مسلم حكماً ما دام موجود بين أبوين مسلمين ولم يبلغ، هذا صغير لكنه محكوم بإسلامه ﴿اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ﴾ الصغار والكبار بإيمان من الكبار؛ لأن الكبار مطالبون بالإيمان فعليهم أن يتصفوا به، والصغار حكمهم حكم الأبوين، فمن ولد بين أبوين مسلمين فهو مسلم حكماً وأولادهم في الجنة معهم، كما جاءت في ذلك الأحاديث الصحيحة، الصغير الغير مكلف هذا معروف أنه لا يؤاخذ فيما يرتكبه من معاصي، أو يتركه من واجبات؛ لأنه لم يجب عليه في الشرع شيء، لكن لو أن صبياً في العاشرة من عمره بين أبوين مسلمين أعجب بالنصرانية؛ لأن الأمور الآن صارت تصل إلى كل شيء، الدعوة إلى الأديان، وإلى المذاهب، وإلى الفرق تصل إلى بيوت المسلمين في قعرها، ويطلع على هذه الأمور الكبار والصغار، الشيوخ والعجائز والأطفال، فأعجبته النصرانية وقال: هو نصراني، هو لم يكلف، هل نقول: إن هذا يتبع أبويه ويلحق بهم، باعتبار أن كلامه هذا لغو؛ لأنه غير مكلف، أو نقول: إنه مؤاخذ به ما دام ليس بمؤمن، وخلع......... الإيمان والإسلام من عنقه فماذا عن مثل هذا؟ لأن القيد ﴿واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ﴾


الصفحة التالية
Icon