﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾ [(٢) سورة النجم] صاحبكم: الخطاب للمسلمين وإلا للكفار؟ صاحبكم: المخاطب الجميع، يعني كل من يتأتى منه أو يصلح الخطاب له يدخل في هذا، والصحبة بالنسبة للمسلمين واضحة، لكن بالنسبة للكفار الصحبة تطلق لأدنى مناسبة، تطلق لأدنى مناسبة، يعني لو جلس مجموعة متفرقون أوزاع من الناس وواحد منهم متكئ على عمود فقال الأب لولده: ادع لي.. -خرجوا من المسجد- فقال: ادع لي صاحب العمود، أسلوب صحيح، الصحبة تطلق لأدنى مناسبة، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قالت له عائشة: إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام في مقامك لا يكاد يسمع القرآن، قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس)) كررت عليه فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنكن صواحب يوسف)) يعني في إبداء خلاف ما في الباطن، عائشة -رضي الله عنها- لما قالت هذا الكلام مرادها ألا يتشاءم الناس بأبيها، ألا يتشاءم الناس بأبيها؛ لأن الذي يأتي بعد أفضل الناس لا بد أن يلحظ الفرق، وإذا لحظ الفرق حصل التنقص، حصل التنقص، فالذي يأتي بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أن الناس تتخذ منه في النفس، يعني منها موقف، وهذا ملحوظ، يعني لو أن شخصاً تولى عمل فأبدع فيه، أبدع فيه إبداع لا مزيد عليه، ثم بعد ذلك حصل له ما حصل من موت أو عزل أو شبهه، ثم عين مكانه بدله ممن هو أقل منه تجد الناس لا يرتاحون، وينظرون إلى هذا الشخص وإن كان أقرب إلى الكمال من غيره، يعني أولى الناس بهذا المنصب هو، لكنه بعد الأول تجد الناس ما يرتاحون؛ لأن أمور الدنيا كلها نسبية، كلها نسبية، يعني لو أن مدرسة فيها عشرون مدرساً، وكلهم متميزون، واحد منهم أقل مرتبة، تجد جميع المدرسة من طلاب وغيرهم يزدرون هذا المدرس، وإن كان بالنسبة لغيره من المدرسين في المدارس الأخرى يمكن يكون متميز، يمكن يكون متميز، فالنظرات نظرات البشر نسبية، فعائشة أرادت ألا يتشاءم الناس بأبيها، يقف بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن النفوس تتخذ منه موقف، وإن كان هذا أمر لا بد منه، يعني أمر شرعي، ولذا يقول القائل: "لقد أتعبت من بعدك يا عمر" إما أن يتعب تعباً شديداً وإلا فلن يصل إلى ما وصلت إليه، فإذا لم يصل إلى ما وصلت إليه