﴿إِنْ هُوَ﴾ [(٤) سورة النجم] يعني "ما" هو (إن) هذه نافية، (إلا) بدليل الاستثناء بعدها، ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ [(١٥٩) سورة النساء] إن هذه نافية، بدليل الاستثناء، يعني ما هو ﴿إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ "إليه" يعني لو نظرنا في أحاديثه -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمال بالنيات)) نقول: هذه وحي؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ومن الوحي ما هو متعبد بلفظه وبتلاوته، ولا يجوز تغييره عن لفظه، ومنه ما يجوز روايته ونقله بمعناه والأمر فيه أوسع وهو السنة، ويستدل بهذه الآية من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يجتهد، لا يجتهد، إن جميع أحكامه توقيفية، فكثيراً ما يسأل عن الشيء ثم يسكت، لماذا؟ ينتظر الوحي، ينتظر الوحي، فليس له أن يجتهد؛ لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وكثير من أهل العلم يرون أنه يجتهد، واجتهد واجتهاده المقر من قبل الله -جل وعلا- وحي؛ لأن الشيء يكتسب الشرعية بالإقرار، يعني إذا نظرنا إلى حديث: بدأ الأذان، حديث عبد الله بن زيد رؤيا: "طاف بي وأنا نائم رجل بيده ناقوس، قلت له: أتبيع الناقوس؟ قال: ماذا تريد به؟ قال: لنعلن به في الصلاة، قال: ألا أدلك على خير منه، قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر.. " إلى آخره، الرؤيا معروف في الشرع أنها لا يثبت بها حكم شرعي، اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فصارت هذه الرؤيا من الشرع بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، صارت من السنة؛ لأن من السنة الإقرار، والحديث ما يروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله أو فعل أو تقرير، فإذا أقر الله -جل وعلا- اجتهاد نبيه -عليه الصلاة والسلام- صار وحي بالإقرار، أما إذا عوتب في اجتهاده فإنه حينئذٍ لا يكتسب الشرعية؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يفعل خلاف الأولى، كما صنع في قصة أسرى بدر، عوتب على ذلك، وافقه أبا بكر وخالفهما عمر، فعوتب النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، هذا يدل على أنه يجتهد؛ لأنه لو كان لا يجتهد -عليه الصلاة والسلام- لما اجتهد في هذه المسألة، ولو كانت وحي لما عوتب