هذا يتحدث به الكفار، ويتحدث به المسلمون أيضاً، وقديماً اختلف في هذا هل هو مما يدرك بالحساب أو لا يدرك بالحساب؟ فالذي يراه ابن العربي وجمع من أهل العلم أنه من ادعاء علم الغيب، فتنبؤه والكلام فيه قبل وقوعه من المحرمات، شديد التحريم؛ لأنها من ادعاء علم الغيب وضرب من الكهانة، وكثير من أهل العلم أيضاً في المقابل يرون أنه مما يدرك بالحساب، أنه مما يدرك بالحساب، ولا شك أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله كما جاء في الحديث الصحيح: ((يخوف بهما عباده)) وكان الناس يخافون من تغير هذه التي أجراها الله -جل وعلا- على سنن ثابتة يخافون خوفاً شديداً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- خرج يجر رداءه، يظنها الساعة، وأسماء -رضي الله عنها- أصابها الغشي، لما رأت الناس يصلون فاستفهمت من عائشة فأشارت عائشة إلى السماء، فقالت: آية؟ فأشارت برأسها: أن نعم، فأصابها الغشي، فأغمي عليها ورشت بالماء، كل هذا من شدة الخوف من الله -جل وعلا-، وهذا لا شك أنه ضعف، بعد إخبار الناس بالوقوع بالكسوف قبل وقوعه صار أمر عادي عند الناس لا يؤثر فيهم، ولا يحرك ساكناً، ولا شك أن الإخبار به قبل وقوعه سبب لإذهاب هذا الخوف وهذه الخشية، ولو كان مما يدرك بالحساب يترك، قد يقول بعض الناس: إن الناس مع اتساع المدن والأنوار والجلبة والصخب الذي يحصل من الناس في الليل قد لا ينتبهون له، يكسف القمر أو يخسف القمر وينتهي وما شعر الناس به، نقول: الأمر كذلك، لكن ينبغي أن يكون المسلم مرتبط بربه، فإذا رأى هذه الآية فليفزع إلى الصلاة، ويحصل منه ما يحصل، ولو قدر أنه علم قبل ذلك ينبغي بل عليه أن يخاف ما الذي يضمن له أن ترجع هذه الآية إلى ما كانت عليه، وما الذي يؤمنه أن يصاحب هذه الآية من المتغيرات التي يتضرر بها هو وغيره، ويحصل كثيراً مع الكسوف ومع الخسوف أمور أشياء آيات أخرى يموت بسببها أناس، يموت بسببها أناس، ويصاب بعض الأموال، وبعض البلدان بكوارث من جرائها، حصل أنهم استهتروا بها في ما مضى في الماضي القريب وحصل وصاحبها أمور تضرر بها كثير من الناس.


الصفحة التالية
Icon