الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: في قوله -جل وعلا-: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [(١٣) سورة النجم] ﴿وَلَقَدْ رَآهُ﴾ رأى النبيُ -عليه الصلاة والسلام- جبريلَ -عليه السلام- على صورته للمرة الثانية، ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾ يعني: مرة أخرى، لأنه سبق أن رآه بحراء، لما طلب ذلك رآه النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم رآه نزلة أخرى ليلة الإسراء.
يقول: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ﴾ "على صورته" ﴿نَزْلَةً﴾ يعني: "مرة" ﴿أُخْرَى﴾ ﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ [(١٤) سورة النجم] يعني: مرة ثانية ﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ يقول: "لما أسري به في السماوات" ليلة الإسراء أسري به في السماوات، معروف أن الإسراء كما قال الله -جل وعلا-: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [(١) سورة الإسراء] هذا الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، يقول: "لما أسري به في السماوات" والمراد عرج به إلى السماوات، وأما الإسراء فهو من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، بدايته من المسجد الحرام وغايته ونهايته إلى المسجد الأقصى، ومن هناك عرج به إلى السماء، تسمى ليلة الإسراء لا بأس؛ لأن الإسراء حصل في تلك الليلة، لكن لما أسري به في السماوات يعني عرج به في السماوات، "وهي شجرة -يعني سدرة المنتهى- شجرة نبق عن يمين العرش، لا يتجاوزها أحد من الملائكة وغيرهم"، هذه لا يتجاوزها أحد، إليها ينتهي كل مخلوق، لا يتجاوزها أحد، ولذلك سميت سدرة المنتهى، ينتهي إليها كل أحد من الملائكة وغيرهم، ولا جبريل يتجاوزها، عند سدرة المنتهى نهاية ما ينزل ونهاية ما يصعد، فينزل إليها من الرب -جل وعلا- ما يتلقاه جبريل ويبلغه من شاء من عباده، وجبريل يصل إليها ولا يتعداها بل هي المنتهى، لا يتجاوزها أحد من الملائكة وغيرهم، وهي شجرة نبق -السدر- معروف جمع سدرة، السدرة واحدة السدر مما يفرق بين جمعه وواحده بالتاء، سدر سدرة، تمر تمرة، نبق نبقة وهكذا.


الصفحة التالية
Icon