﴿وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء﴾ [(٤) سورة القمر] جاء كفار قريش من الأنباء، من الأخبار العظيمة المهمة ومنها: "إخبار إهلاك الأمم المكذبة لرسلهم"، إخبار إهلاك الأمم المكذبة لرسلهم ﴿وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ [(٤) سورة القمر] قد يقول قائل: إن قريشاً أهل فترة ما جاءهم شيء على فترة من الرسل، ما جاءهم شيء، وما بلغهم شيء؟ جاءهم وبلغهم وهذه أمور متواترة يتحدث بها الركبان جيل عن جيل، والله-جل وعلا- يقول: ﴿وَلَقَدْ جَاءهُم﴾ ولهذا استحقوا النار -نسأل الله العافية- فمنهم من مات مشركاً؛ لأنه جاءهم من الأنباء وإن سمي عصرهم عصر فترة، عصر فترة؛ لأنه ما في رسل لكن الرسالات بلغتهم، ومنهم بقايا على دين إبراهيم -عليه السلام- وبقايا من أهل الكتاب، المقصود أن الله-جل وعلا- يقول: ﴿ولقد جاءهم من الأنباء﴾؛ لأنه قد يقول قائل: وقد قيل: كيف يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- ((إن أبي وأباك في النار)) وهو يقول والله-جل وعلا- يقول: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [(١٥) سورة الإسراء] ما بعث إليهم رسول ﴿جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ وقامت عليهم الحجة بهذا.
﴿وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء﴾ يعني من إهلاك الأمم المكذبة لرسلهم ما فيه مزدجر، يعني ما يكفي لازدجارهم واتعاظهم وارعوائهم عن غيهم وضلالهم، ﴿مُزْدَجَرٌ﴾ يقول: مزدجر "لهم اسم مصدر، أو اسم مكان"، أصل الفعل "زجر"، والافتعال "ازدجر" افتعل، فإن كان من زجر فهو مزجر وهو من افتعل مثل: اقترب، والتاء تاء الافتعال أبدلت بالدال، فبدل من ازتجر افعتل، ازدجر "والدال بدل من تاء الإفتعال، وازدجرته، وزجرته" الأصل زجر المجرد مع تاء الافتعال ازتجر، وقلبت التاء دالاًً فصار ازدجر.


الصفحة التالية
Icon