يقول: "وازدجرت وزجرته -يعني مجرداً ومزيداً- نهيته بغلظة"، الزجر: النهي بغلظة وشدة كما فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- بالأعرابي الذي بال في المسجد، زجروه نهوه بشدة وقوة وغلظة فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تزرموه)) اتركوه، "نهيته بغلظة وما موصولة أو موصوفة" ﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ ما موصولة ﴿وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء﴾ الذي فيه مزدجر تكون حينئذ موصولة أو موصوفة، موصوفة يكون تقدير الكلام ولقد جاءهم مجيئاً فيه مزدجر فتكون موصوفة، نكرة موصوفة، اسم مصدر، أو اسم مكان مزدجر، المفعل يأتي للمصدر ويأتي لاسم المكان، المقام ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [(١٢٥) سورة البقرة] مصدر قام يقوم قياماً ومقاماً، قام يقوم قياماً ومقاماً مصدر، ويصلح أن يكون اسم مكان -مكان القيام-، فالمقام إما أن يراد به مكان القيام، أو المصدر الذي هو القيام نفسه، فمكان المقام إذا نقل مثلاً "المقام" الذي هو المصدر إلى مكانه، فهل مكانه الصخرة التي حصل عليها القيام، أو المكان الذي فيه الصخرة -الحصاة- التي فيها الأثر؟ المعروف، المقام المعروف ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ هل المراد به الحصاة الصخرة، أو المكان التي كان فيها الصخرة؟ نعم المكان الذي فيه الصخرة، وعلى هذا لما تأخرت الصخرة، الصخرة الأصل فيها أنها قريبة من الجدار احتيج إليها لما ارتفع البناء، لو احتيج إلى تأخير هذه الصخرة إلى الأروقة مثلاً، اقتضى الاجتهاد أن تدخل في الأروقة؛ لأنها تضيق على الطائفيين كما أخرت من قبل في عهد عمر، يعني المسألة مسألة المقام ويراد به الصخرة، أو مكان القيام الملاصق للجدار، المسألة معروفة عند أهل العلم واللفظ محتمل، لكن ما الذي يترتب على القولين؟ يترتب عليه إن قلنا إن المراد بالمقام الذي أمرنا باتخاذه مصلى هو الصخرة، فإننا نتبعها أينما ذهبت، يعني لو أدخلت في الأروقة صارت الصلاة هناك عندها، وإذا قلنا إن المقام مكان القيام الأصلي الذي كانت الصخرة فيه ملاصقة للجدار أن نتخذ هذا المكان ولو أبعدت الصخرة، كلام أهل العلم في هذا معروف فيه رسائل، والمقام لا يجوز تقديمه أو تأخيره، أو


الصفحة التالية
Icon