﴿أَكُفَّارُكُمْ﴾ أيه المخاطبون من "قريش"، ﴿خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ﴾ "المذكورين من قوم نوح"، قوم هود، قوم صالح، قوم لوط، قوم موسى، يعني هل كفار قريش، ومن يأتي من بعد قريش، هل هم أفضل من أولئك الكفار؟ لا فرق، لا فرق بين كافر وكافر، الكافر من قريش، الكافر من بني هشام مثل الكافر في أبعد وأوضع قبيلة وأبعد قرية لا فرق ﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ﴾ "المذكورين من قوم نوح إلى فرعون فلم يعذبوا"، فلم يعذبوا، أكفاركم فلم يعذبوا، أو فلن يعذبوا، لم وإلا لن، والمناسب يعني أكفاركم ممن قد مات فنقول لم يعذبوا، أو ممن هو موجود وقت الخطاب، موجود وقت الخطاب نقول لن يعذبوا في المستقبل، أو من مات منهم لم يعذبوا؛ لأن لم تقلب الفعل المضارع إلى المضي، تقلب الفعل المضارع إلى المضي فلم يعذبوا في الماض، وإذا قلنا لن يعذبوا يعني في المستقبل أيهما أولى، يعني الآن الخطاب لكفار قريش، ﴿أَكُفَّارُكُمْ﴾ "يا قريش"، ﴿خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ﴾ "المذكورين من قوم نوح إلى فرعون" هؤلاء الذين عذبوا، وانتهى أمرهم ﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ﴾ من هؤلاء الذين عذبوا فلن يعذبوا، كفاركم لم يعذبوا؛ لأنهم خير من أولئك.
﴿أَمْ لَكُم﴾ "يا كفار قريش"، ﴿بَرَاءةٌ﴾ "من العذاب"، ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ "الكتب"، يعني هل نزل من كتب الله -جل وعلا- جاء عنه ما يدل على أن لكم براء من العذاب ولو كفرتم؟ الجواب عن الأول لا، ليسوا بخير من الكفار السابقين، وليست لديهم براءة من الله -جل وعلا- فالنتيجة هي نتيجة أولئك، النتيجة الحتمية لهؤلاء هي النتيجة الحتمية التي آل إليها أمر أولئك من الأمم السابقة.
﴿أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ﴾ "من العذاب" ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ يعني "الكتب"، "والاستفهام في الموضعين بمعنى النفي أي: ليس الأمر كذلك"، فلستم بخير من أولئكم ولا يوجد لديكم براءة من الله -جل وعلا- من عذابه، فمصيركم مصيرهم، ومالكم مآلهم.


الصفحة التالية
Icon