﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ [(٤٤) سورة القمر] "أي كفار قريش"، ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ﴾ "أي: جمع"، ﴿مُّنتَصِرٌ﴾ "على محمد"؛ لأنهم اجتمعوا واتحدوا ضد النبي -عليه الصلاة والسلام- في بدر، يقول: ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ﴾ يعني كلامهم قبل بدر لأن الآية مكية، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: لا أدري ما معنى هذه الآية؟ ﴿يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [(٤٤ - ٤٥) سورة القمر] ما أدري متى؟ لكن لما حصلت وقعة بدر ناشد النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه، وألح بالدعاء، ثم خرج فقال: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ فقال عمر: الآن عرفت معنى الآية، ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾.
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ "أي كفار قريش" ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ﴾ "أي جمع"، ﴿مُّنتَصِرٌ﴾ "على محمد"، ولما قال أبو جاهل يوم بدر: إنا جمع منتصر" نزل ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ في أول السورة قال المؤلف: السورة مكية إلا ﴿سيهزم الجمع﴾ بناء على أن الآية نزلت لما قال أبو جهل: إنا جميع منتصر، نزل على إثر ذلك قوله -جل وعلا-: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ مع أن بعضهم يرون أن هذه الآية أيضاً مكية فالسورة كلها مكية، وأنها سيهزم يعني في المستقبل وهذا وعد من الله -جل وعلا- لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، ولا يلزم أن يكون نزولها في وقت تحققها.
﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾، ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ﴾، ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ منتصر والدبر، منتصر مفرد، والدبر مفرد، والجميع جمع، والأصل أن يقول: نحن جميع منتصرون، سيهزم الجمع ويولون الأدبار، لكن مراعاة رؤوس الآي، مراعاة رؤوس الآي إنما يكون بالإفراد، ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ "فهزموا ببدر ونصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم" انتهى الأمر، ما انتهى هذا العذاب الأدنى، هذا العذاب الدنيوي، وهناك عذاب أعظم ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ [(٢١) سورة السجدة].


الصفحة التالية
Icon