﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ [(٤٦) سورة القمر] ما انتهى الأمر، ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ "بالعذاب"، ﴿وَالسَّاعَةُ﴾ "أي: عذابها" يعني ما يعقبها من عذاب، ﴿أَدْهَى﴾ أي "أعظم بلية"، ﴿وَأَمَرُّ﴾ "أشد مرارة من عذاب الدنيا"، والساعة يعني العذاب الذي يعقبها، ﴿أَدْهَى﴾ أي "أعظم بلية" من عذاب الدنيا، من العذاب الأدنى، ﴿وَأَمَرُّ﴾ "أشد مرارة من عذاب الدنيا"، والمرارة إنما تذاق بالفم، الطعوم كلها إنما تدرك بالذوق عن طريق الفم، وسيأتي قوله: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ [(٤٨) سورة القمر]، ﴿ذوقوا مس سقر﴾.
والذي قال: ﴿أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ يعني "أشد مرارة من عذاب الدنيا".
﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ﴾ [(٤٧) سورة القمر] ﴿فِي ضَلَالٍ﴾ يقول: "في هلاك بالقتل في الدنيا"، والضلال إنما يقابله الهدى، فهم ضالون: المجرمون ضالون عن طريق الله المستقيم، حائدون مائلون عنه ملحدون جائرون عن سواء السبيل، وهنا قال: ﴿فِي ضَلَالٍ﴾ يعني "في هلاك بالقتل في الدنيا"، ﴿وَسُعُرٍ﴾ "نار مسعرة بالتشديد"، "نار مسعرة بالتشديد"، مسعرة "أي مهيجة في الآخرة"، موقدة، مسجرة -نسأل الله العافية-، مسعرة يصلونها يوم الدين.
﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ [(٤٨) سورة القمر] يعني "في الآخرة"، بعضهم يقول: ﴿يُسْحَبُونَ فِي﴾ بمعنى إلى، -يسحبون يجرون يدعون-، ﴿يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾، وأشرف ما في الإنسان وجهه، وإذا سحب على وجهه وجر على وجهه، ماذا يبقى له من الإكرام والاحترام؟ إذا كان يسحب على وجهه، هل يبقى له شيء من التقدير والاحترام والإكرام والإنعام؟ أبداً.
﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ أي "في الآخرة، ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ يعني يقال لهم: ﴿ذوقوا﴾ وكثيراً ما يحذف القول ويقدر، يعني مثل ما ذكرنا في درس سابق ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم﴾ [(١٠٦) سورة آل عمران] يعني يقال لهم: أكفرتم، "وهنا يقال لهم: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ إصابة جنهم لكم" وتمسكم النار.


الصفحة التالية
Icon