﴿وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ [(٧) سورة الرحمن] السماء رفعها: منصوب بفعل يفسره المذكور، التقدير ورفع السماء رفعها، ووضع الميزان "أثبت العدل" لأن العدل إنما يتم في الموزونات بالوزن، وفي المكيلات بالكيل، في المذروعات بالذراع وهكذا، ﴿وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ [(٧) سورة الرحمن] المراد منه العدل، والظلم محرم، حرمه الله -جل وعلا- على نفسه، كما جاء في الحديث القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) ولذا توزن أعمال العباد يوم القيامة؛ لئلا يكون للناس حجة على الله -جل وعلا-، والله عالم بما يعملون قبل عملهم، وعالم به بعد عملهم به، وما يؤولون إليه، وكتب على كل إنسان ما يؤول إليه أمره من سعادة أو شقاوة، ومع ذلكم وضع الموازين ليقطع الحجج على المحتجين، وإلا فالمعتزلة كما هو معروف ينكرون الميزان، يقولون: ما له داعي، الله -جل وعلا- يعرف أعمال العباد حسنها وسيئها، لكنه الله -جل وعلا- جرت حكمته على إخراج هذا المعلوم من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، بحيث يراه الإنسان ويطمئن، أحياناً تأتي إلى البائع ويكون ثقة وتقول له: أعطني عشرة كيلو من كذا فيعطيك، يعطيك شيء في كيس جاهز، يقول: هذه عشرة كيلو، وهو ثقة نعم تأخذ هذا لكنك يبقى في نفسك شيء لماذا لا يزن الميزان موجود؟ يا أخي ضعه في الميزان من أجل إيش؟ أن يطمئن قلبي، من أجل أن يطمئن قلبي، فإذا وضعه في الميزان خلاص انتهى الإشكال ما في أدنى تردد، فالله -جل وعلا- رفع السماء بغير عمد ترونها، بغير عمد ترونها، وما قاله أهل العلم في القيد "ترونها" هل هو وصف مؤثر أو غير مؤثر؟ له مفهوم أو لا مفهوم له؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم؛ لأن مفاد قوله: ﴿تَرَوْنَهَا﴾ [(١٠) سورة لقمان] أن لها عمد، لكن هذه العمد لا ترى، هذا إذا قلنا: إن الوصف مؤثر، وإذا قلنا: إنه غير مؤثر ولا مفهوم له، قلنا: إن السماء رفعت بغير عمد البتة، وقوله: ﴿تَرَوْنَهَا﴾ [(١٠) سورة لقمان] يعني من شأن المعدوم ألا يرى، وإنما هو مجرد وصف لا مفهوم له، وإذا قلنا: إن له مفهوم قلنا: إن السماء رفعت بعمد لكنها لا ترى.