﴿خافِضةٌ رّافِعةٌ﴾ [(٣) سورة الواقعة] هذه القيامة وهذه الواقعة إذا قامت ترتب على ذلك أن يرتفع أقوام وأن ينخفض آخرون، بعض الناس في هذه الدنيا له شأن من علية القوم، من الملأ في هذه الدنيا، لكن إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة ذهب هذا كله هباء، لأنه يعتمد في جاهه وأبهته على ما لا ينفعه في الآخرة، وبعض الناس تجده ليس من أهل الشأن في الدنيا، لا يلتفت إليه الناس، كما جاء في الحديث: ((إن شفع لم يشفع، وإن خطب لم يزوج))، ومع ذلك شأنه عظيم عند الله. وجاء في الحديث: "لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن شخص قالوا: هذا حري بأن إن شفع أن يشفع، وإن خطب أن يزوج"، ثم سأل عن آخر فقالوا: هو بالعكس، فقال: ((إن هذا خير من ملئ الأرض من هذا))؛ فالميزان الحقيقي هو الميزان الشرعي، الميزان الحقيقي هو الميزان الشرعي فهذا الذي ارتفع في أعين الناس في الدنيا في موازين الناس في دنياهم؛ تجده عند الله لا يزن عند الله جناح بعوضة، لا يزن جناح بعوضة، وهذا الرجل الذي يزدريه الناس، ولا يرونه شيئاً تجده أثقل من جبل أحد، كما جاء في ساقي ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه-، فالمقصود أن الشخص المسلم عليه أن يزن بالميزان الشرعي، نعم عموم الناس ينظرون إلى أهل الدنيا بموازينهم، فيجعلون هذا له شأن عظيم باعتبار أنه من أهل الدنيا وأهل الجاه وأهل المال، ثم بعد ذلك عند الامتحان إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة ذهب كله سراب، بينما هذا الشخص الخفي الحفي تجد الناس لا ينظرون إليه في الدنيا، ثم بعد ذلك إذا انكشف الغبار، وقامت القيامة عرف الميزان، وعرف أن هذا يزن عند الله من الصنف الآخر أكثر من ملئ الأرض؛ لأن هذا لا شيء في الميزان الشرعي، وهذا وزنه عند الله عظيم.


الصفحة التالية
Icon