لا أهل العلم يقررونه نسبي لأن صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذه الطريقة جاءت فكل قيام دون الذي قبله، وكل ركوع دون الذي قبله، فالذي يلي سابق بالنسبة للذي يليه، والذي يليه مسبوق بالنسبة للذي قبله، فالسبق نسبي، فالأنبياء هم السابقون سبقا مطلقا، سبقا مطلقا، وأول من آمن به الزمرة التي هي أول من يؤمن بالأنبياء هم السابقون، سبقا نسبيا بالنسبة لمن تأخر عنه، ومعنى كلمة سلف، يعني: مضى وسبق غيره ممن خلف، ومعلوم أن هذا المصطلح السلفي يمتد إلى نهاية القرن الثالث المنصوص عليه بقوله: ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، والخلاف في الرابع، وعلى كل حال حتى القرن مختلف فيه، هل المراد بأربعين سنة أو سبعين سنة أو مائة سنة، لكن الذي قرر ابن حجر القرون المفضلة التي تنتهي على رأس مائتين وعشرين من الهجرة، فهؤلاء سابقون لمن جاء بعدهم، فالسبق نسبي والمراد به: من اتصف به ولو تأخر زمانه على ما يختاره كثير من أهل العلم، إذا اتصف بهذا الوصف، وهو المسابقة والمسارعة، وإذا قلنا: أن المراد بالسابقين هم المقربون، هم المقربون قلنا: أن من المقربين من تقدم زمنه ومنهم من تأخر وسيأتي في قوله ﴿ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين﴾ [سورة الواقعة: ١٣ - ١٤]، دل على أن السابقين لا يختصون بالأنبياء، لا يختص وصف السابقين بالأنبياء؛ لأنه قال: والسابقون إلى الخير وهم الأنبياء مبتدأ السابقون تأكيد لتعظيم شأنهم، أولئك المقربون. المقربون موجودون على مر العصور وهم من عمل بعملهم، من فعل المأمورات سواء كانت على سبيل الإلزام أو على سبيل الندب، وترك المحظورات سواء كان على سبيل الإلزام أو على سبيل الكراهية، من طبق هذا يستحق هذا الوصف، يستحق هذا الوصف لاسيما إذ اتصف بالمبادرة، مجرد ما يسمع الأمر يمتثل، ومجرد ما يسمع النهي يكف هذا يستحق أن يوصف بأنه سابق وأنه مقرب، وقوله ﴿ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين﴾ حتى على اختياره هو في قوله: ﴿ثلة من الأولين﴾ مبتدأ أي: جماعة من الأمم الماضية. هل هذا الكلام يدل على اختصاص الأنبياء؟ جماعة من الأمم الماضية، وقليل من الآخرين من أمة محمد - ﷺ -، وهم السابقون من


الصفحة التالية
Icon