يعني: نعلم جميعاً ويعرف كل من قرأ القرآن أن هذه الأمة إنما فضلت على غيرها بالأمر المعروف والنهي عن المنكر، ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [سورة آل عمران: ١١٠] يعني: تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان ألا يدل دلالة واضحة على أهميته، وأنه هو السبب الذي فضلنا فيه على سائر الأمم، وإلا فالأمم السابقة من أمن منهم من أسلم يؤمن بالله، ولا يقبل أي عمل إلا بالإيمان بالله، لكن لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله؟ لأنه هو السبب الذي فضلنا به، وإلا فالإيمان موجود فينا وموجود في غيرنا، من الأمم السابقة، فعلى الإنسان أن يستشعر من واجبه الذي أوجبه الله عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه)) ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأهل العلم يجمعون على أنه لا يجوز تغيير المنكر بما يترتب عليه منكر أعظم منه، فعلى الإنسان أن ينكر حسب المرتبة التي يستطيعها، ويقدر عليها من غير تسبب في منكر أعظم، فلا بد في ذلك من توخي الأساليب التي تتحقق بها المصالح وتندفع بها المفاسد وإذا أردنا مصلحة ثم بعد ذلك ترتب على إرادتنا لهذا المصلحة مفسدة أعظم أو أردنا درأ مفسدة ثم ترتب على إرادتنا هذه مفسدة أعظم، فلا شك أن ارتكاب أخف الضررين من أجل تحصيل أعلى المصلحتين ودفع أعظم الضررين أمراٌ مقرر في الشرع، فعلينا أن نحتسب وعلينا أن نكر وعلينا أن نأمر وعلينا أن ننهى لكن بالطرق التي تترتب عليها المصالح وتندفع بها المفاسد، والكلمة الطبية مؤثرة بلا شك، والرفق ما دخل في شيء إلا زانة، قد يقول قائل: أن هذا الكلام يفهم منه أن من يقوم بهذا الأمر اشتهر عنهم العنف لا، لا لا ليس هذا المقصود وليس هذا المراد، الأخوان مازالوا على خير وما زالوا على جادة ولله الحمد ويقومون بعمل - نسأل الله أن يكافئهم وأن يدفع عنهم كل سوء -، لا ليس هذا هو المفهوم لأنه حين يطرق باب الرفق يظن أن باب العنف موجود، لكن هو مجرد تذكير للإخوان ومن أجل أن يقبل