﴿يُؤْفَكُ﴾ [(٩) سورة الذاريات] "يصرف ﴿عَنْهُ﴾ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والقرآن، أي عن الإيمان بهما ﴿مَنْ أُفِكَ﴾ يعني صرف عن الهداية في علم الله -جل وعلا-" يعني من علم الله -جل وعلا- أنه لا يهديه هذا مصروف، هذا مصروف لأي شيء؟ لما سبق له في الكتاب من أنه شقي، وهل هو بهذا الصرف مظلوم؟ لا، ليس بمظلوم، يصرف بسبب منه هو، الله -جل وعلا- بين له الطريقين، وضح له الصراط المستقيم، هداه النجدين، ومع ذلك اختار طريق الغواية، ولم يختر الهداية، جعل الله فيه -جل وعلا- من التركيب وحرية الاختيار ما يجعله يختار؛ لئلا يقول قائل: يؤفك يعني يصرف عنه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- القرآن وعن الإيمان به من صرف عن الهداية في علم الله تعالى، فيأتي هذا على مذهب الجبرية، قد يستدل به الجبرية، فيقولون: ما دام الصرف من الله -جل وعلا- فكيف يعاقب ويعذب والله -جل وعلا- هو الذي حال دونه ودون الهداية؟ نقول: نعم هذا في سابق علم الله -جل وعلا-، لكن ما الذي يمنعك من أن تختار طريق الهداية؟ يعني لو سمع الإنسان المؤذن، الإنسان سمع المؤذن وفي المكان ثلاثة، واحد قام مع الأذان، وواحد قام مع الإقامة، والثالث ما قام أصلاً، صلى في البيت، والرابع ما صلى أصلاً، إيش الفرق بين هؤلاء؟ هل في ما يمنع الإنسان.. ؟ هل قيد الرابع عن الصلاة؟ ألا يستطيع أن يقوم متى شاء؟ يستطيع أن يقوم متى شاء، فعنده حرية، وعنده اختيار، وليس بمجبور، وليست حركته كحركة الرياح ولا الورق، أوراق الشجر في مهب الرياح، إنما هو مختار، قادر، لديه قدرة وله حرية وله اختيار وله مشيئة، لكن كل ذلك في إطار قدرة الله -جل وعلا- ومشيئته ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى﴾ [(١٧) سورة الأنفال] يعني ما أصبت إذ حذفت الحجر، لكن الله -جل وعلا- هو الذي أصاب، لكن أثبت له الرمي، وأما الإصابة فمن الله -جل وعلا-، ومن أعظم ما يصرف -ننتبه لهذا الأمر- ﴿يُؤْفَكُ﴾ [(٩) سورة الذاريات] يصرف ﴿عَنْهُ﴾ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والقرآن وعن الإيمان به ﴿مَنْ أُفِكَ﴾ من صرف عن الهداية في علم الله -جل وعلا- وأعظم من يصرف المتكبر {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ


الصفحة التالية
Icon