سورة الشعراء (١١ ١٣)
على المفعوليةِ بمضمرِ خوطبَ به النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلم أي وأذكرُ لأولئك المعرضين المكذِّبين وقت ندائه تعالى إياه عليه الصلاة والسلام وذكِّرهم بما جَرى على قوم فرعونَ بسبب تكذيبِهم إيَّاه زجراً لهم عمَّا هُم عليهِ من التكذيب وتحذيراً من أنْ يحيقَ بهم مثلُ ما حاق بأضرابهم المكذِّبين الظَّالمين حتَّى يتَّضحَ لك أنَّهم لا يُؤمنون بما يأتيهم من الآيات لكنْ لا بقياس حالِ هؤلاء بحالِ أُولئك فقط بل بمشاهدةِ إصرارُهم على ما هم عليه بعد سماع الوحي النَّاطقِ بقصَّتِهم وعدم اتِّعاظِهم بذلك كما يُلوِّحُ به تكريرُ قوله تعالى إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ عقيب كلِّ قصَّةٍ وتوجيهُ الأمر بالذِّكرِ إلى الوقت مع أن المقصودَ تذكيرُ ما وقع فيه من الحوادث قد مر سره مرارا ﴿أَنِ ائت﴾ بمعنى أي ائت على أنَّ أنْ مفسرةٌ أو بأن ائت على أنَّها مصدريةٌ حُذف منها الجارُّ ﴿القوم الظالمين﴾ أي بالكفر واالمعاصي واستبعاد بني إسرائيلَ وذبحِ أبنائِهم وليس هذا مطلعَ ما رود في حيِّزِ النَّداءِ وإنَّما هو ما فُصِّل في سورةِ طه من قوله تعالى إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ إلى قوله لِنُرِيَكَ مِنْ آياتنا الكبرى وإيراد ما جرى في قصَّةٍ واحدةٍ من المقالاتِ بعباراتٍ شَتَّى وأساليبَ مختلفةٍ قد مرَّ تحقيقُه في أوائل سورةِ الأعرافِ عند قوله تعالى أَنظِرْنِى
﴿قَوْمِ فِرْعَونَ﴾ بدلٌ من الأولِ أو عطفُ بيانٍ له جيء به للإيذانِ بأنَّهم عَلَمٌ في الظُّلم كأنَّ معنى القومِ الظَّالمينَ وترجمتَهُ قومُ فرعونَ والاقتصارُ على ذكرِ قومِه للإيذانِ بشهرةِ أنَّ نفسَه أَوَّلُ داخلٍ في الحُكم ﴿أَلا يَتَّقُونَ﴾ استئنافٌ جيء به إثرَ إرسالِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إليهم للإنذارِ تعجيباً من غُلوِّهم في الظُّلم وإفراطِهم في العُدوان وقُرىء بتاء الخطابِ على طريقة الالتفاتِ المنبىءِ عن زيادة الغَضَبِ عليهم كأنَّ ذكرَ ظُلمِهم أدَّى إلى مشافهتِهم بذلك وهُم وإن كانُوا حينئذٍ غُيّباً لكنَّهم قد أُجروا مجرى الحاضرين في كلام المُرسل إليهم من حيثُ إنَّه مبلغه إليهم وإسماعُه مبتدأُ إسماعِهم مع ما فيه من مزيد الحثِّ على التقوى لمن تدبَّر وتأمَّل وقُرىء بكسرِ النُّونِ اكتفاءً به عن باء المتكلِّم وقد جُوِّزَ أنْ يكون بمعنى ألا ياناس اتقون نحو أن لا يسجدُوا
﴿قال﴾ استئناف مبني على سؤالٍ نشأَ من حكايةِ ما مضى كأ هـ قيل فماذا قال موسى ععليه السَّلامُ فقيل قال متضرِّعاً إلى الله عزَّ وجلَّ ﴿رَبّ إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ﴾ من أوَّلِ الأمرِ
﴿ويضيق صدري ولا ينطلق لساني﴾ معطوفا على أخافُ ﴿فَأَرْسِلْ﴾ أي جبريلَ عليهِ السَّلامُ ﴿إِلَىَّ هارون﴾ ليكون معنى وأتعاضدُ به في تبليغِ الرِّسالة رتَّب عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من حَبسةِ اللِّسان بانقباضِ الرُّوحِ إلى باطنِ القلبِ عند ضيقِه بحيث لا ينطبق لأنَّها إذا اجتمعتْ تمسُّ الحاجةُ إلى معينٍ يُقوِّي قلبه وينوبُ منابَه إذا اعتراء حبسه حتى