سورة الشعراء (١١٢ ١١٨)
كالأكبرِ والأكابرِ وقيل جمعُ أرذُلٍ جمعُ رَذْلٍ كأكالبَ وأَكلُبٍ وكَلْبٍ وقُرىء وأتباعُك وهو جمع تابعٍ كشاهدٍ وأشهادٍ أو جمع تَبَع كبطلٍ وأبطالٍ يعنُون أنَّه لا عبرةَ باتِّباعِهم لك إذْ ليس لهم رزانةُ عقلٍ ولا إصابةَ رأيٍ وقد كان ذلك منهم في بادىءٍ الرَّأي كما ذكر في موضع آخر وهذا من كمال سخافةِ عقولِهم وقصرهم أنظارَهم على حطام الدنيا وكون الأشراف عندهم مَن هو أكثرُ منها حظَّاً والأرذلُ مَن حُرمها وجهلِهم بأنَّها لا تزنُ عندَ الله جناحَ بعوضةٍ وأنَّ النعيم هو نعيمُ الآخرةِ والأشرفُ من فازَ به والأرذلُ من حُرمه
﴿قَالَ وَمَا عِلْمِى بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ جواب عَّما أُشير إليه من قولهم إنَّهم لم يُؤمنوا عن نظرٍ وبصيرةٍ أي وما وظيفتي إلاَّ اعتبارُ الظَّواهرِ وبناءُ الأحكامِ عليها دون التَّفتيشِ عن بواطنهم والشَّقِّ عن قلوبهم
﴿إِنْ حِسَابُهُمْ﴾ أي ما محاسبةُ أعمالِهم والتَّنقيرُ عن كفايتها البارزةِ والكامنةِ ﴿إِلاَّ على ربي﴾ فإنه المضطلع السَّرائرِ والضَّمائرِ ﴿لَوْ تَشْعُرُونَ﴾ أي بشيءٍ من الأشياءِ أو لو كنتُم من أل الشُّعور لعلمتم ذلك ولكنَّكم لستُم كذلك فتقولون ما تقولُون
﴿وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ المؤمنين﴾ جواب عمَّا أوهمُه كلامُهم من استدعاءِ طردِهم وتعليقِ إيمانِهم بذلك حيثُ جعلوا اتِّباعَهم مانعاً عنه وقوله
﴿إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ كالعلَّةِ أي ما أنا إلا رسولٌ مبعوثٌ لإنذار المكلَّفين وزجرهِم عن الكفر والمعاصي سواءً كانُوا من الأعزَّاء أو الأذِلاَّء فكيف يتسنَّى طرد الفُقراء لاستتباع الأغنياءِ أو ما عليَّ إلاَّ إنذارُكم بالبرهان الواضحِ وقد فعلتُه وما عليَّ استرضاءُ بعضِكم بطردِ الآخرين
﴿قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يا نوح﴾ عمَّا تقول ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ المرجومين﴾ من المشتُومين أو المرميين بالحجارةِ قالوه قاتلهم الله تعالى في أواخرِ الأمرِ ومعنى قوله تعالى
﴿قَالَ رَبّ إِنَّ قَوْمِى كذبون﴾ تموا على تكذيبي وأصرُّوا على ذلك بعد ما دعوتُهم هذه الأزمنةَ المُتطاولة ولم يَزِدْهُمْ دُعَائِى إِلاَّ فِرَاراً كما يُعرب عنه دُعاؤْه بقولِه
﴿فافتح بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً﴾ أي أحكُم بيننا بما يستحقُّه كلُّ واحدٍ منَّا وهذه حكايةٌ إجماليةٌ لدعائِه المفصَّل في سورة نوحٍ عليه ﴿وَنَجّنِى وَمَن مَّعِى مِنَ المؤمنينَ﴾ أي من قصدِهم أو من