أي من المُبغضين غايةَ البغضِ كأنه يقْلى الفؤادَ والكبدَ لشدَّتِه وهو أبلغُ من أنْ يُقال إنِّي لعملِكم قالٍ لدلالتِه على أنه عليه الصلاةُ والسلام من زُمرة الرَّاسخين في بعضه المشهورينَ في قِلاه ولعلَّه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أراد إظهارَ الكراهة في مُساكنتِهم والرَّغبةِ في الخلاصِ من سوءِ جوارهم ولذلك أعرضَ عن محاورتِهم وتوجَّه إلى الله تعالى قائلاً
﴿رَبّ نَّجِنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ﴾ أي من شؤمِ عملهم وعائلته
﴿فنجيناه وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ﴾ أي أهلَ بيتهِ ومَن اتبعه في الدِّين بإخراجِهم من بينهم عند مشارفةِ حُلولِ العذابِ بهم
﴿إِلاَّ عَجُوزاً﴾ هي امرأةُ لوط استثنيت من أهله فلا يضرُّه كونُها كافرةً لأنَّ لها شركةً في الأهلية بحقِّ الزَّواجِ ﴿فِى الغابرين﴾ أي مقدرا كونُها من الباقين في العذابِ لأنَّها كانت مائلةً إلى القوم راضيةً بفعلهم وقد أصابها الحجرُ في الطَّريقِ فأهلكها كما مرَّ في سُورة الحجرِ وسُورة هودٍ وقيل كانت فيمن بقيَ في القريةِ ولم تخرجْ مع لوطٍ عليه السلام
﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الاخرين﴾ أهلكناهم أشدَّ إهلاكٍ وأفظَعه
﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا﴾ أي مطراً غيرَ معهودٍ قيل أمطر الله تعالى على شُذّاذ القوم حجارةً فأهلكتهم ﴿فَسَاء مَطَرُ المنذرين﴾ اللام فيه للجنسِ وبه يتسنَّى وقوعُ المضاف إليه فاعلَ ساءَ والمخصوص بالذمِّ محذوفٌ وهو مطرهم
﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً وما كان أكثرهم مؤمنين﴾ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم﴾ ﴿كذب أصحاب الأيكة المرسلين﴾ الأيكةُ الغَيضةُ التي تُنبتُ ناعمَ الشَّجر وهي غَيضةٌ بقرب مَدْيَن يسكنها طائفة وكانُوا ممَّن بُعثَ إليهم شعيبٌ عليه السالم وكان أجنبيَّاً منهم ولِذلك قيل
﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ﴾ ولم يقُل


الصفحة التالية
Icon