الصافات ٥٧ ٦٢ لتُغوينِ والتَّاءُ فيه معنى التَّعجُّبِ وإنْ هي المخففةُ من أنَّ وضميرُ الشأنِ الذي هو اسمها محذوف واللاَّمُ فارقةٌ أي تاللَّهِ ان الشأن كدت لنردين
﴿وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبّى﴾ بالهدايةِ والعصمة ﴿لَكُنتُ مِنَ المحضرين﴾ أي من الذين أُحضروا العذابَ كما أُحضِرْته أنتَ وأضرابُك وقوله تعالى
﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ﴾ رجوع إلى محاورةِ جلسائه بعد إتمامِ الكلام مع قرينه تبجُّحاً وابتهاجاً بما أتاحَ الله عزَّ وجلَّ لهم من الفضلِ العظيمِ والنَّعيمِ المقيمِ والهمزة للتَّقريرِ وفيها معنى التَّعجُّبِ والفاء للعطف على مقدَّرٍ يقتضيه نظمُ الكلام أي أنحنُ مخلَّدون منعَّمون فما نحنُ بميِّتين أي بمن شأنه الموت وقُرىء بمائتينَ
﴿إِلاَّ مَوْتَتَنَا الاولى﴾ التي كانت في الدُّنيا وهي متناولةٌ لما في القبر بعد الإحياء للسُّؤالِ قاله تصديقاً لقوله تعالى لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى وقيل إنَّ أهلَ الجنَّةِ أوَّلَ ما دخلُوا الجنَّة لا يعلمون أنَّهم لا يموتون فإذا جِيء بالموت على صُورة كبشٍ أملحَ فذُبح ونُودي يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت يعلمونه فيقولون ذلك تحدُّثاً بنعمة الله تعالى واغنباطا بها ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ كالكُفَّار فإنَّ النَّجاةَ من العذاب أيضاً نعمة جليلة مستوجبة للتَّحدثِ بها
﴿إِنَّ هَذَا﴾ أي الأمرُ العظيم الذي نحن فيه ﴿لَهُوَ الفوز العظيم﴾ وقيل هو من قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ تقريراً لقولهم وتصديقاً له وقرىء لهو الرِّزقُ العظيم وهو ما رُزقوه من السَّعادةِ العظمى
﴿لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون﴾ أي لنيل هذا المرامِ الجليلِ يجب أنْ يعمل العاملون لا للحظوظِ الدُّنيويَّةِ السَّريعةِ الانصرام المشُوبةِ بفنون الآلام وهذا أيضاً يحتملُ أن يكونَ من كلام ربِّ العزَّةِ
﴿أذلك خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزقوم﴾ أصل النُّزلِ الفضل والرِّيعُ فاستُعير للحاصل من الشَّيءِ فانتصابُه على التَّمييزِ أي أذلك الرِّزقُ المعلومُ الذي حاصلُه اللَّذةُ والسُّرورُ خيرٌ نزلاً أم شجرةُ الزَّقُومِ التي حاصلها الألم والغمُّ ويقال النُّزل لما يقامُ ويهيَّأُ من الطَّعامِ الحاضر للنَّازلِ فانتصابُه على الحاليَّةِ والمعنى أنَّ الرِّزقَ المعلوم نزلُ أهل الجنَّةِ وأهلُ النَّارِ نُزلهم شجرةُ الزَّقُّوم فأيُّهما خيرٌ في كونه نزلاً والزَّقُّومُ اسم شجرةٍ صغيرةِ الورقِ دَفرةٍ مُرَّةٍ كريهةِ الرَّائحةِ تكون في تِهامة سمِّيتْ به الشجرة الموصوفة


الصفحة التالية
Icon