الصافات ١١٧ ١٢٥ سوء العذاب وهذه التَّنجيةُ وإن كانتْ بحسب الوجودِ مقارنةً لما ذُكر من النَّصرِ والغَلَبة لكنَّها لما كانتْ بحسب المفهومِ عبارة عن التَّخليصِ من المكروهِ بدئ بها ثمَّ بالنَّصر الذي يتحقَّقُ مدلُوله بمحضِ تنجيةِ المنصورِ من عدوِّه من غير تغليبهِ عليه ثم بالغلبةِ لتوفيةِ مقام الامتنانِ حقَّه بإظهار أنَّ كلَّ مرتبةٍ من هذه المراتبِ الثَّلاثِ نعمةٌ جليلةٌ على حيالِهَا
﴿وآتيناهما﴾ بعد ذلك ﴿الكتاب المستبين﴾ أي البليغَ في البيان والتَّفصيلِ وهو التَّوراةُ
﴿وهديناهما﴾ بذلك ﴿الصراط المستقيمَ﴾ الموصِلَ إلى الحقِّ والصَّوابِ بما فيه من تفاصيلِ الشَّرائعِ وتفاريعِ الأحكامِ
﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِى الأخرين﴾ ﴿سلام على موسى وهارون﴾ أي أبقينا فيما بين الأممِ الآخرين هذا الذِّكرَ الجميلَ والثَّناءَ الجزيلَ
﴿إِنَّا كَذَلِكَ﴾ الجزاءِ الكاملِ ﴿نَجْزِى المحسنين﴾ الذين هُما من جملتهم لاجزاء قاصراً عنه
﴿إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين﴾ سبق بيانُه
﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين﴾ هو إلياسُ بنُ ياسينَ من سبط هرون أخي مُوسى عليهم السلام بُعث بعده وقيل إدريسُ لأنه قرئ مكانه إدريس وإدراس وقرئ إيليس وقرئ إلياسَ بحذفِ الهمزة
﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ﴾ أي عذابَ الله تعالى
﴿أَتَدْعُونَ بَعْلاً﴾ أتعبدونَه وتطلبون الخيرَ منه وهو اسمُ صنمٍ كان لأهل بكَّ من الشَّأمِ وهو البلد المعروفُ اليوم ببَعْلَبَكَّ قيل كان من ذهبٍ طوله عشرون ذراعاً وله أربعةُ أوجهٍ فتُنوا به وعظَّموه حتى أخدمُوه أربعمائة سادنٍ وجعلوهم أنبياءَ فكان الشَّيطانُ يدخل جوفَه ويتكلَّم بشريعة الضَّلالةِ والسَّدنةُ يحفظونَها ويُعلِّمونها النَّاسَ وقيل البَعْلُ الرَّبُّ بلغة اليمنِ أي أتعبدون بعضَ البُعولِ ﴿وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين﴾