لقمان ١٥ ١٧ وقولُه تعالى ﴿على وَهْنٍ﴾ صفة للمصدرِ أي كائناً على وَهنٍ أي تضعُف ضعفاً فوقَ ضعفٍ فإنَّها لا تزالُ يتضاعفُ ضعفُها وقرئ وَهَنا على وَهَن بالتَّحريك يقالُ وَهِن يَهِنُ وَهَنا ووَهَن يَوْهِنُ وَهْناً ﴿وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ﴾ أي فطامُه في تمامِ عامينِ وهي مدَّةُ الرَّضاعِ عند الشَّافعيِّ وعند أبي حنيفةَ رحمهما الله تعالى هي ثلاثُون شهراً وقد بُيِّن وجهُه في موضعه وقرئ وفَصْلُه ﴿أَنِ اشكر لِى ولوالديك﴾ تفسيرٌ لوصَّينا وما بينهما اعتراضٌ مؤكِّدٌ للوصيِّةِ في حقِّها خاصَّة ولذلك قال ﷺ لمن قالَ له مَن أبرُّ أمَّك ثمَّ أمَّك ثمَّ أمَّك ثمَّ قالَ بعدَ ذلكَ ثمَّ أباكَ ﴿إِلَىَّ المصير﴾ تعليلٌ لوجوبِ الامنثال أي إليَّ الرُّجوع لا إلى غيرِي فأجازيك على ما صَدَر عنْك من الشُّكرِ والكُفرِ
﴿وَإِن جاهداك على أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ﴾ أي بشركتِه له تعالى في استحقاقِ العبادةِ ﴿عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا﴾ في ذلك ﴿وصاحبهما فِى الدنيا مَعْرُوفاً﴾ أي صحاباً معروفاً يرتضيِه الشَّرعُ وتقتضيه المروءةُ ﴿واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ﴾ بالتَّوحيدِ والإخلاصِ في الطَّاعةِ ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ أي مرجعُك ومرجعُهما ومرجعُ من أناب إليَّ ﴿فَأُنَبِئُكُم﴾ عند رجوعِكم ﴿بِمَا كنتم تعملون﴾ بأن أجازي كُلاًّ منكم بما صدَر عنْهُ منَ الخيرِ والشرِّ وقولُه تعالى
﴿يَا بَنِى﴾ الخ شروعٌ في حكايةِ بقيةِ وصايا لقمانَ إثرَ تقريرِ ما في مطلعِها من النَّهيِ عن الشِّركِ وتأكيدهِ بالاعتراضِ ﴿إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ﴾ أي إنَّ الخصلةَ من الإساءةِ أو الإحسانِ إنْ تكُ مثلاً في الصِّغرِ كحَّبةِ الخردل وقرئ برفعِ مثقال على أنَّ الضَّميرَ للقصَّةِ وكانَ تامَّةٌ والتَّانيثُ لإضافةِ المثقالِ إلى الحبَّةِ كما في قولِ مَن قالَ كَما شرِقَتْ صدرُ القناةِ من الدَّمِ أو لأنَّ المرادَ بهِ الحسنةُ أو السيِّئةُ ﴿فَتَكُنْ فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السماوات أَوْ فِى الارض﴾ أي فتكُن مع كونِها في أقصى غاياتِ الصِّغرِ والقَماءةِ في أخفى مكانٍ وأحرزه كجوفِ الصَّخرةِ أو حيثُ كانتْ في العالمِ العُلويِّ أو السُّفليِّ ﴿يَأْتِ بِهَا الله﴾ أي يُحضرها ويُحاسبُ عليها ﴿إِنَّ الله لَطِيفٌ﴾ يصلُ علمُه إلى كلِّ خفى ﴿خَبِيرٌ﴾ بكُنهِه وبَعْدَ ما أمرَهُ بالتَّوحيدِ الذي هُو أولُ ما يجبُ على الإنسانِ في ضمنِ النَّهي عن الشِّركِ ونبَّهه على كمالِ علمِ الله تعالى وقدرتِه أمرَه بالصَّلاة التي هي أكملُ العباداتِ تكميلاً له من حيثُ العملُ بعد تكميلِه من حيثُ الاعتقادُ فقال مستميلاً له
﴿يَا بَنِىَّ أَقِمِ الصلاة﴾ تكميلاً لنفسِك ﴿وَأْمُرْ بالمعروف وانه عَنِ المنكر﴾ تكميلاً لغيرِك ﴿واصبر على مَا أَصَابَكَ﴾ من الشَّدائدِ والمحنِ لا سيَّما فيما أُمرت به ﴿إِنَّ ذلك﴾ إشارةٌ إلى


الصفحة التالية
Icon