السجدة ١٧ ١٩ العشاء مع النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم وعن انس ايضا رضيَ الله عنه أنَّه قال نزلتْ في أناسٍ من اصحاب النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم كانوا يصلُّون من صلاةِ المغربِ إلى صلاةِ العشاءِ وهي صلاةُ الأوَّابينَ وهو قولُ أبي حازمٍ ومحمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ وهو مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال عطاءهم الذين لا ينامُون حتَّى يصلو العشاءَ الآخرةَ والفجرَ في جماعةٍ والمشهورُ أنَّ المرادَ منه صلاةُ اللَّيلِ وهو قولُ الحسنِ ومجاهدٍ ومالكٍ والاوزاعي وجماعة لقوله ﷺ أفضلُ الصِّيامِ بعد شهرِ رمضانَ شهرُ الله المحرَّمُ وأفضلُ الصَّلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ اللَّيلِ وعن النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم في تفسيرِها قيامُ العبدِ من الليل وعنه ﷺ إذا جمعَ الله الأوَّلينَ والآخرينَ جاء منادٍ ينادي بصوتٍ يُسمع الخلائقَ كلَّهم سيعلم أهلُ الجمعِ اليَّومَ من أولى بالكرمِ ثم يرجعُ فيُنادي ليقُم الذين كانتْ تتجَافى جنوبُهم عن المضاجعِ فيقومونَ وهُم قليلٌ ثم يرجعُ فيُنادي ليقُم الذين كانُوا يحمدون الله في السرَّاءِ والضَّراءِ فيقومون وهُم قليلٌ فيسرَّحُون جميعاً إلى الجنَّةِ ثم يُحاسَب سائرُ النَّاسِ وقولُه تعالى ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ حالٌ من ضميرِ جنوبُهم أي داعينَ له تعالى على الاستمرارِ ﴿خَوْفًا﴾ من سخطِه وعذابِه وعدمِ قبولِ عبادتِه ﴿وَطَمَعًا﴾ في رحمتِه ﴿وَمِمَّا رزقناهم﴾ من المالِ ﴿يُنفِقُونَ﴾ في وجوهِ البرِّ والحسناتِ
﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ﴾ من النفوس لاملك مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ فضلاً عمَّن عداهم ﴿مَّا أُخْفِىَ لَهُم﴾ أي لأولئكَ الذين عُدِّدت نعوتُهم الجليلةُ ﴿مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ مما تقرُّ به أعينُهم وعنْهُ ﷺ يقولُ الله عزَّ وجلَّ أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطَر على قلبِ بشرٍ بَلْهَ ما أطلعتم عليه اقرءوا إنْ شئتُم فلا تعلم نفسٌ ما أُخفي لهم من قرة اعين وقرئ ما أُخفي لهم وما نُخفي لهم وما أَخفيتُ لَهُم على صيغةِ المتكلِّمِ وما أخفى لهم على البناءِ للفاعلِ وهو الله سبحانه وقرئ قُرَّاتِ أعينٍ لاختلافِ أنواعِها والعِلمُ بمعنى المعرفةِ وما موصولةٌ أو استفهاميةٌ عُلِّق عنها الفعلُ ﴿جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي جُزوا جزاء أو أُخفي لهم للجزاءِ بما كانُوا يعملونَه في الدُّنيا من الأعمالِ الصَّالحةِ قيل هؤلاءِ القومُ أخفَوا أعمالَهم فأخفَى الله تعالى ثوابَهم
﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً﴾ أي أبعدَ ظهورِ ما بينهُما من التَّباينِ البيِّنِ يُتوهَّمُ كونُ المؤمنِ الذي حُكيت أوصافُه الفاضلةُ كالفاسقِ الذي ذُكرت أحوالُه ﴿لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ التَّصريح به مع إفادةِ الإنكارِ لنفيِ المشابهةِ بالمرَّة على أبلغِ وجهٍ وآكدِه لبناء التَّفصيل الآتِي عليه والجمعُ باعتبار معنى من كما أن الإفراد فيما سبق باعتبارِ لفظِها وقولُه تعالَى
﴿أما الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جنات المأوى﴾ تفصيلٌ لمراتبِ الفريقينِ في الآخرةِ بعد ذكرِ أحوالِهما في الدُّنيا وأضيفتْ الجنَّةُ إلى المَأْوى لأنَّها المأوى الحقيقيُّ وإنَّما الدُّنيا منزلٌ مرتحلٌ عنه لا محالةَ وقيل المَأْوى جنَّةٌ من الجنَّاتِ وأياً ما كانَ فلا يبعُد أنْ يكونَ فيه رمزٌ إلى ما ذُكر من تجافِيهم عن مضاجعِهم