الاحزاب ٢٤ ٢٥ ويجوزُ أنْ يكونَ ضميرُ بدَّلُوا للمنتظرينَ خاصَّة بناءً على أنَّ المحتاجَ إلى البيانِ حالُهم وقد رُوي أن طلحة رضى الله عنه ثبتَ مع رسولِ الله ﷺ يومَ أحدٍ حتَّى أُصيبتْ يده فقال ﷺ أوجبَ طلحةُ الجنَّة وفي رواية أوجبَ طلحةُ وعنه ﷺ في رواية جابرٌ رضيَ الله عْنهُ من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرضِ فلينظُر إلى طلحةُ بنُ عُبيدِ اللَّهِ وفي رواية عائشةَ رضيَ الله عنها من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرضِ وقد قضَى نحبَه فلينظُر إلى طلحةَ وهذا يشيرُ إلى أنَّه من الأولينَ حُكماً
﴿لّيَجْزِىَ الله الصادقين بِصِدْقِهِمْ﴾ متعلق بمضمر مستأنف مسوق بطريقِ الفذلكةِ لبيانِ ما هُو داعٍ إلى وقوعِ ما حُكي من الأحوالِ والأقوالِ على التَّفصيلِ وغاية له كما مرَّ في قوله تعالى ليسأل الصادقين عَن صِدْقِهِمْ كأنَّه قيلَ وقعَ جميعُ ما وقعَ ليجزيَ الله الصَّادقين بما صدرَ عنهُم منَ الصِّدقِ والوفاءِ قولاً وفعلاً ﴿وَيُعَذّبَ المنافقين﴾ بما صدرَ عنهُم منَ الأعمالِ والأقوالِ المحكيَّةِ ﴿إِن شَاء﴾ تعذيبَهم ﴿أَوْ يتوبَ عَلَيْهِمْ﴾ إنْ تابُوا وقيل متعلقٌ بما قبلَه من نفيِ التَّبديلِ المنطوقِ وإثباته المعرضَ به كأنَّ المُنافقين قصدُوا بالتَّبديلِ عاقبةَ السُّوءِ كما قصدَ المُخلصون بالثباتِ والوفاءِ العاقبةَ الحُسنى وقيلَ تعليلٌ لصدقُوا وقيل لما يُفهم من قولِه تعالَى وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيماً وقيل لما يُستفاد من قولِه تعالَى وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الاحزاب كأنَّه قيل ابتلاهُم الله تعالى برؤية ذلك الخطيب ليجزيَ الآيةَ فتأمَّل وبالله التَّوفيق ﴿إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ أي لمن تابَ وهُو اعتراضٌ فيه بعثٌ إلى التَّوبةِ وقولُه تعالى
﴿وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ﴾ رجوعٌ إلى حكايةِ بقيةِ القصَّةِ وتفصيلُ تتمةِ النِّعمةِ المشارِ إليها إجمالاً بقولِه تعالى فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا معطوفٌ إمَّا على المضمرِ المقدرُ قبل قولِه تعالى لّيَجْزِىَ الله كأنَّه قيل إثرَ حكايةِ الأمورِ المذكورةِ وقعَ ما وقعَ من الحوادثِ وردَّ الله الخ وإمَّا على أرسلنَا وقد وسِّط بينهما بيانُ كونِ ما نزَل بهم واقعةً طامَّة تحيَّرتْ بها العقولُ والأفهامُ وداهيةً تامَّةً تحاكت منها الرُّكبُ وزلَّتِ الأقدامُ وتفصيلُ ما صدَر عن فريقَيْ أهلِ الإيمانِ وأهلِ الكفرِ والنفاقِ من الأحوالِ والأقوالِ لإظهار عظم النعمة إبانه خطرِها الجليلِ ببيانِ وصولِها إليهم عند غايةِ احتياجِهم إليها أي فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ورددنا بذلك الذين كفرُوا والالتفاتُ إلى الإسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة وقولُه تعالى ﴿بِغَيْظِهِمْ﴾ حالٌ من الموصولِ أي مُلتبسين بهِ وكذا قولُه تعالى ﴿لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً﴾ بتداخلٍ أو تعاقبٍ أي غيرَ ظافرينَ بخير أو الثَّانية بيانٌ للأُولى أو استئنافٌ ﴿وَكَفَى الله المؤمنين القتال﴾ بما ذُكر من إرسالِ الرِّيحِ والجُنودِ ﴿وَكَانَ الله قَوِيّاً﴾ على إحداثِ كلِّ ما يريد ﴿عزيزا﴾