} ٦ ١٧
بهِ الرَّضاعُ التامُّ المُنتهِي بهِ كمَا أرادَ بالأمدِ المدة من ال كُلُّ حَيَ مُستكمِلٌ مُدَّةَ العمرِ ومُودٍ إذَا انتهى أمدُهْ ﴿ثَلاَثُونَ شَهْراً﴾ تمضي عليَها بمعاناةِ المشاقِّ ومقاساةِ الشدائدِ لأجلِه وهذا دليلٌ على أن أقلَّ مدةِ الحملِ ستةُ أشهرٍ لما أنه حُطَّ عنْهُ للفصالِ حولانِ لقولهِ تعالى حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة يبقي للحملِ ذلكَ قيلَ ولعل تعيينَ أقلِ مدةِ الحملِ وأكثرِ مدةِ الرَّضاعِ لانضباطِهما وتحققِ ارتباطِ النسبِ والرضاعِ بهما ﴿حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ أي اكتهل واستحكمَ قوتُه وعقلُه ﴿وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ قيلَ لم يبعثْ نبيٌّ قبلَ أربعينَ وقرئ حتَّى إذَا استَوى وبلغَ أشدَّهُ ﴿قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِى﴾ أي ألهمنِي وأصلُه أَوْلعِني من أوزعتُه بكذَا ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وعلى وَالِدَىَّ﴾ أي نعمةَ الدِّينِ أو ما يعمُّها وغيرَها ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صالحا ترضاه﴾ التنكيرُ للتفخيمِ والتكثيرِ ﴿وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِى﴾ أيْ واجعلِ الصلاحَ سارياً في ذُريتِي راسخاً فيهم كَما في قولِه يجرحُ في عَراقيبِها نَصْلي قالَ ابنُ عبَّاسٍ أجابَ الله تعالَى دعاءَ أبي بكرٍ رضيَ الله عنُهم فأعتقَ تسعةً من المؤمنينَ منهم بلال وعامر بنُ فُهيرةَ ولم يُردْ شيئاً من الخيرِ إلاَّ أعانَهُ الله تعالى عليهِ ودَعَا أيضاً فقالَ وأصلحْ لي في ذُريتِي فأجابَهُ الله عزَّ وجلَّ فلم يكن له ولدا إلا آمنُوا جميعاً فاجتمعَ له إسلامُ أبويهِ وأولادِه جميعاً فأدركَ أبُوه أبُو قحافة رسول الله ﷺ وابنُه عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرٍ وابنُ عبدِ الرَّحمنِ أبُو عتيقٍ كلُّهم أدركُوا النبيَّ عليهِ الصلاةَ والسَّلامُ ولم يكُنْ ذلكَ لأحدٍ من الصَّحابةِ رضوانُ الله تعالَى عليهم أجمعينَ ﴿إِنّى تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ عمَّا لا ترضاهُ أو عمَّا يشغلُني عن ذكرِك ﴿وَإِنّى مِنَ المسلمين﴾ الذينَ أخلصُوا لكَ أنفسَهُم
﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى الإنسانِ والجمعُ لأنَّ المرادَ به الجنسُ المتصفُ بالوصفِ المَحكِيِّ عنْهُ وما فيهِ من معنى البُعدِ للإشعارِ بعلوِّ رتبتِه وبُعد منزلتِه أي أولئكَ المنعوتونَ بما ذُكِرَ من النعوتِ الجليلةِ ﴿الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ﴾ من الطاعاتِ فإنَّ المباحَ حسنٌ ولا يثابُ عليهِ ﴿وَنَتَجَاوَزُ عَن سيئاتهم﴾ وقرئ الفعلانِ بالياءِ على إسنادِهما إلى الله تعالى وعلى بنائِهما للمفعولِ ورفعِ أحسنَ على أنَّه قائمٌ مقامَ الفاعلِ وكذا الجارُّ والمجرور ﴿فِى أصحاب الجنة﴾ أي كائنينَ في عدادِهم منتظمينَ في سلكِهم ﴿وَعْدَ الصدق﴾ مصدرٌ مؤكدٌ لما أنَّ قوله تعالى يتقبل ونتجاوزُ وعدٌ من الله تعالى لهُم بالتقبلِ والتجاوزِ ﴿الذى كَانُواْ يُوعَدُونَ﴾ عَلَى ألسنةِ الرُّسلِ
﴿والذى قَالَ لوالديه﴾ عندَ دعوتِهما لهُ إلى الإيمانِ ﴿أُفّ لَّكُمَا﴾ هو صوتٌ يصدرُ عنِ المرءِ عندَ تضجرخ واللامُ لبيانِ المؤفَّفِ له كما في هَيْتَ لك وقرئ أُفِّ بالفتحِ والكسرِ بغيرِ تنوينٍ وبالحركاتِ الثلاثِ معَ التنوينِ والموصولُ عبارةٌ عن الجنسِ القائلِ ذلكَ القولَ ولذلكَ أُخبرَ عنه بالمجموعِ كما سبقَ قيلَ هُو


الصفحة التالية
Icon