بالفعل الماضي لبنائها على فتح آخرها كبنائه، وصحة كناية الاسم المنصوب فيها كصحة كنايته في الفعل إذا قلت: (ضربني وأنني). فلما كانت بهذه المنزلة، وكان الاسم الأول منصوبا بها كان حق المعطوف بالواو أن يتبع لفظ ما عطف عليه إلى انتهائه. والحجّة لمن نصب الكلام، ورفع الجروح: أن الله تعالى كتب في (التوراة) على بني إسرائيل: أن النفس بالنفس إلى قوله: (والسّن بالسن) ثم كأنه قال- والله أعلم- ومن بعد ذلك:
(الجروح قصاص). والدليل على انقطاع ذلك من الأول: أنه لم يقل فيه: والجروح بالجروح قصاص فكان الرفع بالابتداء أولى، لأنه لما فقد لفظ (أنّ) استأنف لطول الكلام.
قوله تعالى: وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ «١» يقرأ بضم الذال، وإسكانها. فالحجة لمن ضم: أنه أتى ذلك ليتبع الضم الضم، والأصل عنده: الإسكان.
ومن أسكن فالحجة له: أنه خفف لثقل توالي الضمتين، والأصل عنده: الضم.
ويمكن أن يكون الضم والإسكان لغتين.
قوله تعالى: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ «٢». يقرأ بإسكان اللام وكسرها. فالحجة لمن أسكن: أنه جعلها لام الأمر فجزم بها الفعل، وأسكنها تخفيفا، وإن كان الأصل فيها الكسر. والحجة لمن كسر: أنه جعلها لام كي فنصب بها الفعل. وتقدير الكلام:
وآتيناه الإنجيل ليحكم أهله بما أنزل الله فيه.
والوجه أن يكون لام الأمر، لأنها في حرف عبد الله «٣» وأبيّ «٤» وأن ليحكم «٥».
قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ «٦» يقرأ بالتاء والياء. فالحجة لمن قرأ بالتاء:
أن معناه والله أعلم: قل يا محمد للكفرة: إذا كنتم لا تحكمون بما في كتب الله عز وجل أفتبغون حكم الجاهلية؟ والحجة لمن قرأه بالياء: أنه إخبار من الله تعالى عنهم في حال الغيبة فدل بالياء على ذلك.
قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا «٧». يقرأ بالرفع، والنصب. فالحجة لمن رفع:

(١) المائدة: ٤٥.
(٢) المائدة: ٤٧.
(٣) انظر: ٧٢
(٤) انظر: ٨٧.
(٥) فلو كانت لام كي لما دخلت عليها أن المصدرية حتى لا يتسلط عاملان ناصبان على فعل واحد.
(٦) المائدة: ٥٠.
(٧) المائدة: ٥٣


الصفحة التالية
Icon