موقف العقول، فتأله فيه أي تتحير فتتالهه وتلهو به أي تغنى به عن كل شيء. ﴿الرَّحْمَنِ﴾ شامل الرحمة لكافة ما تتناوله الربوبية. ﴿الرَّحِيمِ﴾ خاص الرحمة بما ترضاه الإلهية.
وقال في غريب معناها: لما أظهر الله سبحانه حكمة التسبيب، وأرى الخلق استفادة بعض الأشياء من أشياء أخر متقدمة عليها، كأنها أسبابها، وقف بعض الناس عند أول سبب، فلم ير ما قبله، ومنهم من وقف عند سبب السبب إلى ما عساه ينتهي إليه عقله فطوى الحق تعالى تلك الأسباب وأظهر بالبسملة، أي بتقديم الجار، أن كل شيء باسمه لا بسبب سواه.
وقال استفتح أم القرآن بالبسملة لما كانت نسبتها من متلو الصحف والكتب الماضية نسبة أم القرآن من القرآن: الكتاب الجامع للصحف والكتب لموضع طيها الأسباب، كما تضمنت أم القرآن سر ظهور الأفعال بالعناية من الحميد المجيد في آية ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
هذا في ظاهر الخطاب، إلى ما وراء ذلك من باطنه، فإن لكل آية ظهرا وبطنا. وليلزمها الخلق في ابتداء أقوالهم وأفعالهم، هكذا قال.