قال الْحَرَالِّي: و"الحمد" المدح الكامل الذي يحيط بجميع الأفعال والأوصاف، على أن جميعها إنما هو من الله سبحانه وتعالى، وأنه كله مدح لايتطرق إليه ذم، فإذا أضمحل ازدواج المدح بالذم، وعلم سريان المدح في الكل استحق عند ذلك ظهور اسم الحمد مكملا معرفا بكلمة "ال" وهي كلمة دالة فيما اتصلت به، على انتهائه وكماله.
﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
قال الْحَرَالِّي: واليوم مقدار ما يتم فيه أمر ظاهر ثم قال: و ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ في الظاهر هو يوم ظهور انفراد الحق بإمضاء المجازاة، حيث تسقط دعوى المدعين، وهو من أول يوم الحشر إلى الخلود فالأبد، وهو في الحقيقة من أول يوم نفوذ الجزاء عند مقارفة الذنب في باطن العامل إثر العمل إلى أشد انتهائه في ظاهره، لأن الجزاء لايتأخر عن الذنب، وإنما يخفى لوقوعه في الباطن، وتأخره عن معرفة ظهوره في الظاهر، ولذلك يؤثر عنه، عليه الصلاة والسلام: "أن العبد إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء". وأيضا فكل عقاب يقع في الدنيا على أيدي الخلق فإنما هو جزاء من الله، وإن كان أصحاب الغفلة ينسبونه للعوائد، كما قالوا: ﴿مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ﴾ ويضيفونه للمعتدين عليهم بزعمهم، وإنما هو كما قال


الصفحة التالية
Icon