كما قال تعالى: ﴿سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ﴾ و ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وبه تم انتهاء الشرف العلي، وهو المجد الذي عبر عنه قوله تعالى: ﴿مجدني عبدي﴾ انتهى.
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾: ومعنى "نعبد" كما
قال الْحَرَالِّي، نبلغ الغاية في أنحاء التذلل، وأعقبه بقوله مكررا للضمير، حثا على المبالغة في طلب العون ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾. إشارة إلى أن عبادته لا تتهيأ إلا بمعونته، وإلى أن ملاك الهداية بيده، فانظر كيف ابتدأ سبحانه بالذات، ثم دل عليه بالأفعال، ثم رقى إلى الصفات، ثم رجع إلى الذات "إيماء إلى أنه الأول [و] الآخر المحيط، فلما حصل الوصول إلى شعبة من علم الأفعال والصفات علم الاستحقاق للأفراد بالعبادة فعلم العجز عن الوفاء بالحق فطلبت الإعانة.
قال الْحَرَالِّي: وهذه الآيات، أي هذه وما بعدها، مما جاء كلام الله فيه جاريا على لسان خلقه، فإن القرآن كله كلام الله، لكن منه ما هو كلام الله عن نفسه، ومنه ما هو كلام الله عما كان يجب أن ينطق به الخلق على اختلاف ألسنتهم وأحوالهم وترقي