تسجيلاً على فعهلم بأنه ظلم، (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) هذا الكلام كله في موضع النصب بدل من النجوى، أو مفعول لقول مقدر، استدلوا على كذبه في النبوة بأنه بشر، لأن زعمهم أن الرسول لا يكون إلا ملكًا، فلا بد أن تكون المعجزة بمقتضى عقيدتهم سحرًا، فلذلك قالوا إنكارًا: أفتحضرون السحر وأنتم تعاينون أنه سحر، (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ القَوْلَ): جهرا كان أو سرًا، (فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) فكيف يخفى عليه نجواهم، ومن قرأ قال فهو حكاية قول رسول الله - ﷺ -، (وَهُوَ السمِيعُ العَليمُ): فلا يخفى عليه شيء، (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ) اقتسم المشركون القول في القرآن، فقيل: سحر وقيل: تخاليط أحلام وأباطيل خيلت إليه، وخلطت عليه، وهذا أبعد فسادًا من الأول، وقيل: هو مفترى اختلقها من تلقاء نفسه، وهذا أفسد من الثاني، وقيل: كلام شعري يخيل إلى السامع معاني لا حقيقة لها، وهو أفسد من الثالث، لأنه كذب مع علاوة فلذلك جاء ببل تنزيلاً من الله لأقوالهم في درج الفساد، (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) أي: كما أرسل به الأولون، كاليد البيضاء، والناقة وغيرهما، (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن): أهل، (قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا) أي: ما آمنت قرية من القرى التي أهلكناها لما جاءتهم الآيات المقترحة، (أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ): لو جئتهم بها مع أنَّهم أعتى من الذين اقترحوا الآيات وعهدوا الإيمان بها، وفيه تنبيه على أن عدم الإتيان بمقترحاتهم للإبقاء عليهم، إذ لو أتى به لم يومنوا، فنستأصلهم كمن قبلهم، (وَمَا أَرْسلْنَا قَبْلَكَ


الصفحة التالية
Icon