عند الله تعالى، (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ)، من للابتداء، (مِنْ زَقُّومٍ)، من للبيان، (فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ): يسجرون حتى يأكلوا ملأ بطونهم، (فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ)، تأنيث الضمير في منها، وتذكيره في عليه على المعنى ولفظه (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ): مثل شرب الإبل التي بها الهيام داء تشبه الاستسقاء، وعن بعض الهيم الإبل المراض تمص الماء مصًّا، ولا تُرَوى، وكل من المعطوف والمعطوف عليه أخص من الآخر فحسن العطف، (هَذَا نُزُلُهُمْ): رزقهم الذي يعد لهم تكرمة لهم، (يَوْمَ الدِّينِ): يوم الجزاء، وإذا كان هذا نزلهم فما ظنك بما يعد لهم من بعد، (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ): بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا، (فَلَوْلا تُصَدِّقُون) أي: فهلا تصدقون بابتداء الخلق كأن أعمالهم خلاف ما يقتضيه التصديق، فحضهم عليه، (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ): تصبون في الأرحام من النطف؟! (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ)، فعلم أن الابتداء منا، (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ): مغلوبين عاجزين، (عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ): نغير صفاتكم جمع مثل، (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ): في صفات لا تعلمونها أي: فما نحن بعاجزين عن الإعادة، وهي تبديل الصفات إلى صفات أخرى، أو ما نحن بعاجزين على أن نأتي بخلق مثلكم بدلاً عنكم، وعلى أن نخلقكم فيما لا تعلمونه من الصور كالقردة، والخنازير، فعلى هذا الأمثال جمع مثل بسكون الثاء، وفي الآية الثانية والثالثة ما يشعر، ويلائم هذا المعنى، وهو قوله: " لو نشاء لجعلناه حطامًا "،