فحبست ما كتبت منه عشرين سنة، ولم أسمح به لأحد، لا في يقظة ولا في سنة.
ولقد جاءني رائد منهم ناصبا لي الحبالة يريد ليوصله إلى من يستعين به على إقرائه، لا أبا له، فألقمت الحجر فاه، وتلوت على قفاه:
أتت بجرابها تكتال فيه... فردت وهي فارغة الجراب
ألم تر إلى الذي توسل إلينا بأبناء الحنفاء، وتوصل إلينا بأولاد الخلفاء، وتطفل علينا في الموائد فأذنّا لبعض تلامذتنا أن يسمحوا له ببعض ما لنا من الفوائد، فكان أوّل أمره نصب، وآخره غصب، وأغار على كتابنا " المعجزات والخصائص " وغيره، وخان وجنى ثمار غروسنا، وهو فيما جناه جان، فسوّد بذلك وجهه، وتوجه من ترك أداء الأمانة إلى شر وجهة، وسرق من عدة كتب لنا جواهر، لا ملك له فيها ولا شبهة، فنبهنا على خيانته، وإنا لصادقون، وبعثنا في ناديه مؤذنا يؤذن (أيتها العير إنكم لسارقون) [سورة يوسف ٧٠] وعلمنا بذلك بخس ميزانه في الوازنين (١)، وتلونا على قفاه (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) [سورة يوسف ٥٢] (٢).

(١) في د، ق: في الموازين.
(٢) كان بين السيوطي وبين بعض علماء عصره منازعات أدبية ومخاصمات علمية، فألف عددا من المقامات ردا عليهم وانتصافا منهم، مصرحا بأسمائهم، فمن ذلك: ما ألفه ردا على شمس الدين السخاوي سماها: الكاوي في تاريخ السخاوي، وما ألفه ردا على إبراهيم الكركي، وهي عدة مقامات: الدوران الفلكي على ابن الكركي، الجواب الزكي عن قمامة ابن الكركي، الصارم الهندي في عنق ابن الكركي، وما ألفه ردا على شمي الدين الجوجري سماه: اللفظ الجوهري في رد خباط الجوجري.
ومن هذه المقامات مقامة أخرى سماها: الفارق بين المصنف والسارق ألفها ردا على مؤلف اتخذ قرصنة الكتب بضاعة بعد أن أفلس في عالم العلم والتأليف، وتعرض له في مقامة له أخرى سماها: ساحب سيف على صاحب حيف. شرح مقامات السيوطي ١/ ٥٦٤.
اتهمه السيوطي بأنه سلخ أربع كتب له، كتاب الخصائص والمعجزات، وكتاب أنموذج اللبيب، وكتاب طي اللسان عن ذم الطيلسان، وكتاب مسالك الحنفا في والدي المصطفى، ثم امتد سلخه، ووصلت إغارته إلى كتب قطب الدين الخيضري، وشمس الدين السخاوي.
ولم يصرح باسم السارق في هاتين المقامتين، وأجهل السبب الذي جعله يبهم اسمه، ويصرح بأسماء الآخرين.
بيد أن جمهرة من الباحثين، الدكتور سمير الدروبي في تحقيق شرح مقامات السيوطي ١/ ٥٤ وصالح آل الشيخ في كتابه هذه مفاهيمنا ٢٤ - ولم يجزم- وعبد الإله نبهان في تحقيق بهجة العابدين ١٤٠ والدكتور هلال ناجي في تحقيق الفارق بين المصنف والسارق ٢٦ فسروا هذا=


الصفحة التالية
Icon