ثم الكلام فيما لا ينتهي إلى حد الإصرار السالب للعدالة، بحيث تغلب صغائره على حسناته، على ما حرر في باب الشهادات من كتب الفقه.
قوله: (واعلم أن الآية تحتمل أوجها من الإعراب) إلى آخره
قال أبو حيان: قد ركبوا وجوها من الإعراب في قوله (ذلك الكتاب لا ريب فيه) والذي نختاره. منها أن قوله (" ذلك الكتاب) جملة مستقلة من مبتدإ وخبر؛ لأنه متى أمكن حمل الكلام على غير إضمار، ولا افتقار كان أولى من أن يسلك به مسلك الإضمار والافتقار.
وقالوا: يجوز أن يكون (ذلك) خبرا لمبتدإ محذوف، تقديره هو (ذلك الكتاب) و (الكتاب) صفة، أو بدل، أو عطف بيان
ويحتمل أن يكون مبتدأ، وما بعده خبر، وفي موضع خبر (الم) و (لا ريب فيه) جملة تحتمل الاستئناف فلا يكون لها موضع من الإعراب، وأن تكون في موضع رفع خبرا لـ (ذلك)، و (الكتاب) صفة، أو بدل، أو عطف، أو خبر بعد خبر إذا كان (الكتاب) خبرا، وقلنا بتعدد الأخبار، وأن تكون في موضع نصب على الحال، أي مبرأ من الريب.
وجوزوا في قوله (فيه) أن يكون خبرا لـ (لا) على مذهب الأخفش، وخبرا لها مع اسمها على مذهب سيبويه، وأن يكون صفة، والخبر محذوف، وأن يكون من صلة (ريب) يعني أنه يضمر عامل من لفظ ريب، فيتعلق به، لا أنه يكون متعلقا بنفس (لا ريب) إذ يلزم إذ ذاك إعرابه؛ لأنه يصير اسم " لا " مطولا بمعموله، نحو لا ضاربا زيدا عندنا.
والذي نختاره أن الخبر محذوف؛ لأن الخبر في باب " لا " إذا علم لم يلفظ به بنو تميم، وكثر حذفه عند أهل الحجاز، وهو هنا معلوم.
وجوزوا في قوله تعالى: (هدى للمتقين) أن يكون (هدى) في موضع رفع على أنه مبتدأ، و (فيه) في موضع الخبر، أو خبر مبتدإ محذوف، أي هو (هدى)، أو على فيه مضمرة إن جعلنا (فيه) من تمام (لا ريب) أو خبر بعد خبر، فتكون قد


الصفحة التالية
Icon