أخبرت بالكتاب عن (ذلك) وبقوله (لَا رَيْبَ فِيهِ) ثم جاء (هدى) خبرا ثالثا، أو كان (الكتاب) تابعا، و (هدى) خبر ثان، أوفي موضع نصب على الحال، وبولغ بجعل المصدر حالا، وصاحب الحال اسم الإشارة، أو (الكتاب) والعامل فيها على هذين الوجهين معنى الإشارة، أو الضمير في (فيه) والعامل ما في الظرف من الاستقرار.
والأولى جعل كل جملة مستقلة، فـ (ذلك الكتاب) جملة، و (لا ريب) جملة، و (فيه هدى للمتقين) جملة.
ولم يحتج إلى حرف عطف؛ لأن بعضها آخذ بعنق بعض (١). انتهى كلام أبي حيان.
قوله: (و (لا ريب) في المشهورة مبني، لتضمنه معنى " من " منصوب المحل) إلى آخره.
قال ابن يعيش في " شرح المفصل ": اعلم أن " لا " النافية على ضربين: عاملة، وغير عاملة، فالعاملة التي تنفي على جهة (٢) استغراق الجنس؛ لأنها جواب ما كان على طريقة هل من رجل في الدار، فدخول " من " في هذا لاستغراق الجنس، ولذلك تختض بالنكرات لشمولها، ألا ترى أنه لا يجوز هل من زيد في الدار؟ كما يجوز في هل زيد في الدار، فهذه التي لاستغراق الجنس عاملة النصب فيما بعدها من النكرات المفردة، ومبنية معها بناء خمسة عشر.
وإنما استحقت أن تكون عاملة لشبهها بـ " إن " الناصبة للأسماء.
ووجه المشابهة بينهما أنها داخلة على المبتدإ والخبر، كما أنَّ " إنَّ " كذلك، وأنها نقيضة من الإعراب، نحو ضربت زيدا، وما ضربت زيدا، فقولك: ضربت زيدا فعل وفاعل ومفعول، وقولك: ما ضربت زيدا نفي لذلك، ومع ذلك فقد أعربته بإعرابه من حيث كان نقيضه، ليشعر بمعنى الرفع له، فلما أشبهت " لا " " إن " وكانت " إن " عاملة في المبتدإ والخبر كانت " لا " كذلك عاملة في المبتدإ والخبر؛ لأنها تقتضيهما جميعا، كما تقتضيهما " إن " ولما نصبوا بها لم تعمل إلا في نكرة على سبيل حرف الخفض الدي في المسألة؛ لأنها كالنائبة عنه إلا أن " لا " بنيت مع


الصفحة التالية
Icon