ما هو حقها، وإنما لم تجعل استعارتها من تحصيل القيام في الأجسام، بل من تسويتها رعاية لزيادة المناسبة بين المعاني (١).
هذا، وقد قيل: الإقامة بمعنى التسوية حقيقة في الأعيان والمعاني، فلا حاجة حيئئذ إلى الاستعارة
قوله: (أو يواظبون عليها، من قامت السوق إذا نفقت، وأقمتها إذا جعلتها نافقة)
قال الطيبي: فعلى هذا هو كناية تلويحية (٢): عبر عن المواظبة والدوام بالإقامة، فإن إقامة الصلاة بمعنى تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها مشعرة بكونها مرغوبا فيها، وإضاعتها وتعطيلها يدل على ابتذالها، كالسوق إذا شوهدت قائمة دلت على نفاق سلعتها، ونفاقها يدل على توجه الرغبات إليها، وتوجه الرغبات يستدعي الاستدامة، بخلافها إذا لم تكن قائمة، فعلى هذا المراد من قوله: " من قامت السوق " أي من باب قامت السوق، لا أنه منقول من قامت السوق (٣).
وقال الشريف: نفاق السوق كانتصاب الشخص في حسن الحال والظهور التام، فاستعمل القيام فيه، والإقامة في إنفاقها، أي جعلها نافقة، ثم استعيرت منه للمداومة على الشيء، فإن كلا من الإنفاق والمداومة يجعل مُتَعَلَّقَهُ مرغوبا متنافسا فيه متوجها إليه.
قال: وقد أورد عليه أن هذه المشابهة خفية جدا، وأيضاً الأصل أعني: أقام السوق مجاز، فالتجوز عنه ضعيف.
ودفع الأول بالحمل على المجاز المرسل بعلاقة اللزوم، فإن الانفاق يستلزم المداومة عادة.
والثاني: بأنه صار بمنزلة الحقيقة (٤).


الصفحة التالية
Icon