قال ابن خزيمة في تقرير الاستدلال بهذا الحديث: لما قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الصلاة عدها آية، ولا قول لأحد مع النبي صلى الله عليه وسلّم خلاف قوله، إذ الله تعالى لم يجعل لبشر مع قوله صلى الله عليه وسلّم قولا يخالف قوله، وجعله متبوعا لا تابعا، وفرض على العباد طاعتهن وأمرهم باتباعه.
فيقال لمخالفينا: قد عدّها النبي صلى الله عليه وسلّم آية على ما روينا عن زوجته أم سلمة رضي الله عنها، هلمّوا دليلا إمّا بنقل خبر عن النبي صلى الله عليه وسلّم يخالف خبرنا، أو غير خبر يؤيد مذهبكم في إنكاركم آية (١) من القرآن، وعدم وجود حجة تؤيّد مقالتكم بطلان دعواكم، وفي بطلان دعواكم صحة مذهبنا (٢).
وقال أبو شامة: قد قدح بعض المخالفين فقال: هذا من قول أم سلمة ورأيها، ولا ننكر (٣) الاختلاف في ذلك.
والجواب: أنه من قولها قطعا، ولكنها مخبرة عما رأت من فعل النبي صلى الله عليه وسلّم ما فإنه لما عدّها بأصابعه على نحو ما عدت من باقي آيات الفاتحة جزمت بما قالت، وهو كما قالت.
وقال الطحاوي: إنما نعتت أم سلمة رضي الله عنها بذلك قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلّم -كسائر القرآن- كيف كانت، وليس في ذلك دليل أنه صلى الله عليه وسلّم كان يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فانتفى أن يكون في حديث أم سلمة رضي الله عنها حجة لأحد (٤).
قال أبو شامة: الظاهر أنها حكت تلاوته للبسملة، وإلا لمثلت بغير ذلك؛ لأن الفاتحة هي التي كان يكررّها (٥)، فعقلت هيئتها وكيفيتها عندها، فكانت لها أشد حفظا من كيفية قراءته لغيرها (٦).
وقال الغزالي: حديث أم سلمة حجة ظاهرة على أن البسملة آية من الحمد.

(١) في كتاب البسملة ل٢٢: أنه.
(٢) كتاب البسملة ل٢٢.
(٣) في ح: ينكر.
(٤) شرح معاني الآثار ١/ ٢٠١ وكتاب البسملة ل٣٢.
(٥) في كتاب البسملة ل٣٢: لأنها هي التي كانت تكرر قراءته لها.
(٦) كتاب البسملة ل٣٢.


الصفحة التالية
Icon