ما ذكره ولا فحواه، قائلا:
قصد الزمخشري بما أبان الإشارة إلى براعته في علم المعاني وعلم البيان.
وكيف يترجح فنان جمعتهما أوراق يسيرة، وجدولان جاريان في جداول (١) صغيرة، قد وضعا بعد الصحابة والتابعين بمئين من السنين، وحفرا بعد البحار الزاخرة، ووشيا بالتحبير بعد تكملة الخِلع (٢) الفاخرة = على الفنون التي طافت المشارق والمغارب كالطوفان؟.
أين ذكرهما في الصحابة الذين هم أسد الغابة؟ أين ذكرهما في التابعين الذين كانوا للصحابة شاهدين سامعين؟ أين ذكرهما في عصر الفقهاء؟ من نبّه عليهما في الأقدمين من النبهاء.
وما على الناس من اصطلاح أتى به عبد القاهر الجرجاني (٣) واقتفاه السكاكي (٤) فيما ذكر من المعاني، ولا يقوم لهما في كثير من المقامات دليل، وليس لهما إلى ذلك سبيل. وعلم التفسير إنما هو يتلقى من الأخبار، ويسلك فيه مسالك الآثار.
وأقول: لم يتوارد البلقيني والزمخشري على محلّ واحد، وليس الزمخشري لانحصار تلقي التفسير من الأحاديث (٥) والآثار بجاحد.
كيف وانحصار التفسير في السماع كلمة إجماع، والنهي عن القول في القرآن بالرأي ملأ الأسماع.
ولهذا لم يذكر أهل الحديث مع من عدد (٦) من أرباب الفنون، ولا أدرجهم

(١) في ح، ق: أخاديد.
(٢) في ت: الحلل.
(٣) هو عبد القاهر بن عبد الرحمن أبو بكر النحوي الجرجاني، عالم بالنحو والبلاغة، توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. إنباه الرواة على أنباه النحاة ٢/ ١٨٨ وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ٢/ ١٠٦.
(٤) هو يوسف بن أبي بكر: محمد سراج الدين أبو يعقوب السكاكي الخوارزمي، كان علامة بارعًا في فنون شتى، خصوصًا المعاني والبيان، وله كتاب: مفتاح العلوم فيه اثنا عشر علما من علوم العربية، توفي سنة ست وعشرين وستمائة، بغية الوعاة ٢/ ٣٦٤ وتاج التراجم في من صنف من الحنفية ٢٨٤.
(٥) في ظ: الأخبار.
(٦) في ت: عد.


الصفحة التالية
Icon