قلت: إنما يصح هذا أن لو سأله عن الشك، وهذا ليس بسؤال عن الشك، بل هو شرط وجزاء، والدليل على أنه لم يكن ليأخذه بقوله: (لا نشك) لأنه لم يذكر ذلك في القرآن كما ذكر عن قول عيسى: ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ﴾.
٧٩ - قال: " علم الله تعالى أن النبي - ﷺ - غير شاك فقال له: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾ وهذا كما تقول لغلامك الذي لا تشك أنه غلامك: إن كنت عبدي فأطعني ".
قلت: هذا أيضاً لا وجه له؛ لأن قول القائل لعبده: إن كنت عبدي فأطعني.
يقوله وهو متيقن أنه عبده فيلزم أن الله تعالى يعلم أن نبيه - ﷺ - شاك؛ لأنه قال: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾ كقولنا: إن كنت غلامي. وهذا القائل لهذا الوجه غلط من حيث أنه تُوهم أن الكلام إنما وقع في شك الله لشك النبي، فقال: إن الله لم يشك في أن النبي لم يشك، وليس الكلام في شك الله. وإنما الكلام في شك النبي - ﷺ -. فما استشهد به من النظير يحقق شك النبي لا أنه ينفيه؛ لأنه يلزم من ذلك علم الله بأنه شاك كصورة النظير حَذْو القُذة بالقُذة، والذي يعلمه الله تعالى يستحيل خلافه، فإذا علم الشيء موجوداً يستحيل أن يكون معدوماً، وإذا علمه معدوماً يستحيل أن يكون موجوداً، فيلزم أن يكون النبي - ﷺ - شاكاً.
٨٠ - قال فيه وجهاً آخر: " الشاك في الشيء يضيق به صَدْره فيُقال للضيق الصدر شاك يقول: إنْ ضِقْتَ ذرْعاً بما تُعاين مِنْ بَغْيهم وأذاهم فاصبر واسأل


الصفحة التالية
Icon