فأمون يمكن أن يكون من الذي هو خلاف الخوف، كأنّه يؤمن عثارها في سيرها، أو يؤمن كلالها وونيّها فيه. ويكون أمون في معنى مأمون، أي غير مخوف، كقولهم: طريق ركوب، أي يركب، وحلوب وقتوب أي: تحلب وتركب وتقتب.
ويكون أمون مثل أمين: لأنّك قد تقول: خانت في سيرها: إذا قصّرت عمّا أراد منها راكبها في المسير.
وقال- جل من قائل-: «١» لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ [الأنفال/ ٢٧]، فيجوز أن يكون لا تخونوا ذوي أماناتكم وهو أشبه بما قبله، وذوو الأمانة نحو المودع والمعير والموكّل والشريك ومن يدك في ماله يد أمانة لا يد ضمان.
ومن هذا الباب الكافر الموادع، قال تعالى: «٢» وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ [الأنفال/ ٥٨].
ويجوز أن تكون الأمانات لا يراد معها حذف المضاف، لأنّ خنت من باب أعطيت يتعدّى إلى مفعولين، ويجوز أن يقتصر على أحدهما. فإذا قدّرت حذف المضاف كان بمنزلة أعطيت زيدا، وإذا لم تقدّره كان بمنزلة أعطيت درهما. وعلى هذا قول كثير «٣»:

فأخلفن ميعادي وخنّ أمانتي وليس لمن خان الأمانة دين
والبيت لأوس بن حجر في ديوانه/ ٦٤.
(١) في (ط): وقال الله تعالى.
(٢) سقطت هذه الكلمة من (ط).
(٣) البيت في الأغاني ٥/ ٨٩ لكثير.


الصفحة التالية
Icon