إنه لا يكون على: إلا أن يكون الفرقدان، لحذفك الموصول، فكذلك الآية. فأما قوله [عزّ وجلّ] «١»: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) [البقرة/ ١٩٧] فإنّه يكون على: أشهر الحجّ أشهر
معلومات، ليكون الثاني الأوّل في المعنى، ومعنى معلومات: أي أشهر مؤقتة معيّنة لا يجوز فيها ما كان يفعله أهل الجاهليّة من التبديل بالتقديم والتأخير اللذين كان يفعلهما النّسأة الذين أنزل فيهم: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ، يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً) إلى قوله: (فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ) [التوبة/ ٣٧] أو يكون: الحجّ حجّ أشهر معلومات، أي: لا حجّ إلا في هذه الأشهر، ولا يجوز في غيرها، ولا يجزئ كما كان أهل الجاهلية يستجيزونه في غيرها من الأشهر. فالأشهر على هذا متّسع فيها مخرّجة عن الظروف، والمعنى على ذلك، ألا ترى أن الحجّ في الأشهر: كما أن الموعد في قوله: (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) [طه/ ٥٩] في اليوم إلّا أنّه اتّسع فيه فجعل الأول لمّا كان فيه، كما فعل ذلك في قوله «يوم الزينة».
وإن قلت: موعدكم موعد يوم الزينة، فقد أخرجته أيضا على هذا التقدير عن أن يكون ظرفا، لأنك قد أضفت إليه، والإضافة إليه تخرجه عن أن يكون ظرفا، كما أن رفعه كذلك.
ويدلّك على تأكد خروجه عن الظرف عطفك عليه ما لا يكون ظرفا، وهو قوله: (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) [طه/ ٥٩]، ولو نصبت اليوم على أنّه ظرف وأضمرت مبتدأ يكون قوله: (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) خبرا له كأنّه قال: وموعدكم

(١) زيادة من (ط).


الصفحة التالية
Icon