وأما الغشاوة فلم أسمع منه فعلا مصرّفا بالواو. فإذا لم نعلم منه ذلك وكان معناها معنى ما اللام منه الياء من غشي يغشى بدلالة قولهم: الغشيان. ومعناه ما غطّى الشيء وعلاه فغمره وستره، كقوله تعالى، «١» فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ [طه/ ٧٨] وإِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ «٢» [الأنفال/ ١١] ووَ اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ [نوح/ ٧] والْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى، فَغَشَّاها ما غَشَّى [النجم/ ٥٣، ٥٤]. وقال الأعشى:

وولّى عمير وهو كاب كأنّما يطلّى بورس أو يغشّى بعظلم
«٣» فالغشاوة من الغشيان كالجباوة من جبيت في أنّ الواو كأنّها بدل من الياء، إذ «٤» لم يصرّف منه فعل، كما لم يصرّف من الجباوة.
والهجر: الكلام القبيح. والصحيح أنها جمع هاجرة، بمعنى الهجر، فتكون من المصادر التي جاءت على فاعلة، مثل العاقبة والكاذبة، والعافية.
وشاهد الهاجرة بمعنى الهجر قول الشاعر:
إذا ما شئت نالك هاجراتي ولم أعمل بهن إليك ساقي
(انظر اللسان: هجر) والمؤلف وقف عند الرأي الأول.
(١) في (ط): كقوله بدون تعالى.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. النشر ٢/ ٢٧٦.
(٣) رواية الديوان (١٢٧): بحص مكان بورس: والبيت من قصيدة في هجاء عمير بن عبد الله بن المنذر بن عبدان. الورس: نبت أصفر يكون باليمن، تتخذ منه الغمرة، وهي طلاء للوجه: الحص: الورس، أو الزعفران.
العظلم: عصارة شجرة أو نبت يصبغ به.
(٤) في (ط): وإن.


الصفحة التالية
Icon