قال سيبويه قالوا: غشيته غشيانا كالحرمان. وإن شئت قلت: إن غشي يغشى مثل رضي يرضى، ولام الكلمة الواو بدلالة غشاوة وغشوة. ويكون الغشيان كعليان ودنيا ونحو ذلك.
وقوله تعالى: وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ [البقرة/ ٧] في المعنى مثل: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ [البقرة/ ١٨] وكذلك قوله تعالى:
صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ [الأنعام/ ٣٩] لأنّ وصف البصر بالكون في الظلمات بمنزلة الوصف بالعمى. وكذلك، وصفه بكون الغشاوة عليه، لأنّه في هذه الأحوال كلّها لا يصحّ به إبصار. فقوله: «١» في الظلمات متعلق بمحذوف.
وروي لنا عن الكسائي: غشاوة وغشاوة وغشاوة، وعن غيره.
ويذهب قوم من المتأوّلين إلى أنّ معنى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [البقرة/ ٧] ختم عليها بأن طبع عليها ووسمها سمة تدل على أن فيها الكفر، ليعرفهم من يشاهدهم من الملائكة بهذه السمة، ويفرقوا بينهم وبين المؤمنين الذين في قلوبهم الشّرح والطمأنينة اللذان وصفوا بهما في قوله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ «٢» [الزمر/ ٢٢]. وقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ [الرعد/ ٢٨].
والختم والطبع واحد، وهما سمة وعلامة في قلب المطبوع على قلبه. وكما ختم على قلب الكافر وطبع فوسم بسمة تعرف بها الملائكة كفره كذلك وسم قلوب المؤمنين
(٢) سقطت الآية في (ط).