بسمات تعرفهم الملائكة بها كما عرفوا بها الكافر. ومن ثمّ قال بعض المتأوّلين في قوله تعالى: «١» وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا [الكهف/ ٢٨] أي: لم نسم قلبه بما نسم به قلوب الذاكرين لله، لأنّ الله تعالى وسم قلوب الذاكرين «٢» بسمات تبيّن لمن شاهدها من الملائكة أنّهم مؤمنون، كما قال: «٣» أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [المجادلة/ ٢٢] أي علامته، فإذا لم يسمهم بهذه السّمة فقد أغفلهم.
ومثل ما تأولوا في هذا من أنّه علامة يعرف بها الكافر من المؤمن مناولة الكتاب باليمين وبالشّمال، في أنّ المناولة باليمين علامة أن المناول باليمين من أهل الجنة،
والمناول بالشّمال من أهل النار. وقوله: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ [النساء/ ١٥٥] يحتمل أمرين أي طبع عليها وختم جزاء للكفر وعقوبة عليه، كقوله:

نزائع مقذوفا على سرواتها بما لم تخالسها الغزاة وتركب
«٤» وكقولهم: «بما لا أخشى بالذئب» «٥» فيمكن «٦» أن يكون
(١) في (ط) قوله بدون تعالى.
(٢) في (ط): المؤمنين.
(٣) في (ط): قال تعالى.
(٤) البيت للطفيل الغنوي. ديوانه ٢٣ النزائع من النجائب هي التي تجلب إلى غير بلادها ومنتجها، والتي نزعت إلى أعراق. مقذوفا: مرميا باللحم.
سرواتها: أعاليها، تخالسها: تروم اختلاسها. وفي ديوان الطفيل تسهب بدل تركب. أي: تترك وتهمل.
(٥) جاء في اللسان «خشى»: «وفي المثل: لقد كنت وما أخشى بالذئب» أي: أخوف. و «بما» هنا في معنى ربما. انظر الأمثال لأبي عبيد/ ٩٦
(٦) في (ط): وقد يجوز، بدل فيمكن.


الصفحة التالية
Icon